الخميس، 19 فبراير 2015

جَمَلٌ (مَادَّةٌ مِنَ: الْقَامُوسُ النَّقْدِيُّ): جُورْجْ بَاطَايْ

 Louise Cunningham - Horizontal Camel
ترجمة: رشيد وحتي

خلال سنتي 1929-1930، أسس جورج باطاي [Georges Bataille]، ميشال لِئِرِيسْ [Michel Leiris] ورُوجِي كَايْوَا [Roger Caillois] مجلة وَثَائٍقُ [Document] لتكون منشورا لكوليج علم الاجتماع، كمجموعة بحث متخصصة بدراسة إِنَاسَةِ [أنثروبولوجيا] الْمُقَدَّسِ والفن والطبيعة والجنون ومظاهر الحياة الحديثة بما تحويه من هامشيات يحاول المجتمع "السَّوِيُّ" طردها "خارج أسوار المدينة". وكانت من المهام الأساسية لهذه المجموعة صياغة قاموس نقدي يعيد النظر جذريا في مفاهيم الإناسة الكلاسيكية عبر مداخل معجمية قصيرة ومتوسطة الطول، ولكن بلغة كثيفة، أسهمت فيها الأسماء الثلاثة المؤسسة إضافة إلى الناقد الفني ذي النظر الثاقب كَارْلْ أَيْنْشْتَيْنْ [Carl Einstein]، الذي اختفى سريعا للأسف.
[المترجِم]

جَمَلٌ

اَلْجَمَلُ، الَّذِي يَبْدُو مُثِيرًا لِلضَّحِكِ بِالنِّسْبَةِ لِقَاطِنٍ بِبَارِيسَ، يَجِدُ مَكَانَهُ الطَّبِيعِيَّ فِي الصَّحْرَاءِ: فَهُوَ مُضِيفُ تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ الْفَرِيدَةِ؛ إِلَى حَدِّ أَنَّهُ يَنْفَقُ إِنْ نَقَلْنَاهُ بَعِيدًا عَنْهَا؛ إِذْ يَنْدَمِجُ فِيهَا عَبْرَ هَيْأَتِهِ، لَوْنِهِ، مِشْيَتِهِ. يُسَمِّيهِ الشَّرْقِيُّونَ سَفِينَةَ الصَّحْرَاءِ؛ حَرِكًا عَبْرَ مُحِيطَاتٍ مِنَ الرِّمَالِ، يَعْبُرُهَا بِحُدَائِهِ الْمُنْتَظِمِ وَالْهَادِئِ، كَمَا تَمْخُرُ السَّفِينَةُ عُبَابَ الْبَحْرِ. مَاذَا سَتَقُولُ نِسَاؤُنَا الْمَحْبُوبَاتُ عَنْ تِلْكَ الْأَشْعَارِ الشَّرْقِيَّةِ الَّتِي تُشَبَّهُ فِيهَا الْحَرَكَاتُ الْمُتَنَاسِقَةِ لِلْمَعْشُوقَةِ بِمِشْيَةِ النَّاقَةِ الْمُنَغَّمَةِ؟

فِي وِجْهَةٍ مُضَادَّةٍ لِرَأْيِ أُوْجِينْ دُولَاكْرْوَا [فِي كِتَابِهِ دِرَاسَاتٌ جَمَالِيَّةٌ]، فَمِنْ بَيْنِ الْأَشْكَالِ الْمُوْحِيَّةِ بِالْبَلَادَةِ، يُعْتَبَرُ شَكْلُ الْجَمَلِ، عَلَى الْأَرْجَحِ، أَعْظَمَهَا، وَفِيمَا يَبْدُو أَفْجَعَهَا. مَظْهَرُ الْجَمَلِ الْخَارِجِيُّ يُوْحِي، بِتَوَازٍ مَعَ الْعَبَثِيَّةِ الْعَمِيقَةِ لِلطَّبِيعَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ، بِالطَّبْعِ الْكَارِثِيِّ وَالْمُتَصَدِّعِ لِهَذِهِ الْعَبَثِيَّةِ وَالْبَلَادَةِ. لَنَا حَتَّى أَنْ نَعْتَقِدَ أَنَّ الْجَمَلَ مِمَّا يَتَوَاجَدُ فِي النُّقْطَةِ الْأَكْثَرِ  حَرَاجَةً فِي الْحَيَاةِ بِأَسْرِهَا، ثَمَّةَ حَيْثُ الْعَجْزُ أَقْصَى دَرَجَاتِ الشَّقَاءِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق