الأربعاء، 4 مارس 2015

أدب الصمت: إيهاب حسن




1
تبدو فكرةُ الطليعيين اليومَ بالغةَ البساطة. وقد خسرنا، بتعوّدنا على تحمّلِ الأزمة، حسَّ الثقةِ بالتوجّه. أيّ طريقٍ تلوح؟ فالأدب، يتحوّلُ ضدّ ذاته، ويتوقُ إلى الصمت، يمضي في تلميحاتٍ مقلقةٍ من الانتهاكِ(1) والرؤيوية(2). وإن وجِدَ طليعيٌّ في عصرنا، فقد ينوءُ بالكشفِ عن انتحارٍ. يأتي مصطلحُ "لا أدب" بإزاءَ "لا مادة"، للترميزِ فقط وليس انحرافاً لأشكالٍ، بل لنوايا وطاقةٍ تنقلبُ للخارج. فهل يكونُ المستقبلُ عندئذٍ، وبكاملهِ، شريداً وكارثةً لكلّ مَن يزاولُ الأدبَ؟   
مع أني لا أثقُ في أن الكلمةَ تُنهك إمكاناتِ الروح، إلا أني أعترفُ بأن الكارثةَ تذهب وتعود بترنيماتٍ حاذقة. ولقد زعمَ الصوفيون دائماً أن الكتابةَ هي سبيلٌ للخروج، وأن نهاياتِ الأشياء تؤذِنُ ببداياتِ الجديد ـ مفارقةٌ سلبية، كما ندّعي اليوم، لكنها صيغة للمفارقة برغم ذلك. فالصمتُ في الأدب ليس نذيراً بموتِ الروح، بالضرورة. 
هذه النقطةُ التي توضّح الأدبَ الجديد مختلفةٌ: فمهما كانت الجدّة حقاً فهي تتحاشَى المِعيارَ الاجتماعيّ والتاريخيّ والجماليّ الذي أعطى هُوِيةً للطليعيّ في فتراتٍ أخرى. إن قوةَ المراوغةِ أو الغيابَ، في الأدبِ الجديد، متطرّفةٌ في الواقع؛ فهي تضربُ في الجذورِ والتياراتِ، استعارياً، بصمتٍ رائع. لكن القوةَ نفسها، تتصاعدُ في الجذع والأوراق، لتنفجرَ بصخبٍ بابليٍّ(3) هائل. ما نسمعه أكثرُ هو صرخةُ الانتهاك، صوتُ الرؤيوية. ألمحَ كلٌّ من هنري ميللر(4) وصامويل بيكيت(5) إلى الصمتِ، فهما ثرثاران متسلّطان، وفيما بينهما، صدرَت ملاحظاتٌ كاملة عن الكلامِ الأجوفِ الجديد. وليس اقترانهما بذلك خيالاً طفيفاً. فقد وقفا كمرآةٍ تبدعُ خيالاً عصرياً، ثم انتهيا إلى تأمّل افتراضاتٍ غريبة. وبأسلوبِ الكلام القديم ذاته، صارا اليوم، من أكبرِ الطليعيين. 
 


2
ولربما يحتاج خطابي عن ميللر وبيكيت إيضاحاً لعناصر الصمت. فلأبدأ بالانتهاك. تساءل لورنس داريل(6) مرة، وميللر في باله: "هل الفنّ دائماً هو الانتهاك ـ هل من طبيعته أن تكون انتهاكاً؟" يمكن لنا أن نقرّ باحتواء الفنّ على عنصر خَطِر بل وغواية دون إذعانٍ لفكرةِ أن الفنّ كلّه انتهاكٌ. يبدو أن المذهب الخاصّ بالأدب الحديث، على العموم، يبرهنُ على رؤية داريل، فهو يتلمّس ثابتاً تلك الخبرة التي يُقرّها. الخبرةُ التي تمثّل تمرّداً ميتافيزيقياً: آخاب(7) يطعنُ الشمسَ إذا أهانته، أو يُعيد إيفان كرامازوف(8) تذكرةَ الحياةِ إلى الربّ. تمرّدٌ ميتافيزيقيّ وفي الوقت ذاته تنازلٌ ميتافيزيقيّ، رغبةٌ في الفَناء، كما حدّده ألبير كامي(9): "صرخةُ الضمير المنتَهَك بتمرّدهِ الخاصّ". بالانتهاكِ، عندئذٍ، يوضَع الإنسانُ في محكّ التجربة. ما يؤكدّه هو جدليةُ العنف، فعلٌ شيطانيّ وردّ فعلٍ شيطانيّ منضغطان في وحدةٍ مفزعة تصبحُ فراغاً في النهاية.  
يُفتَرض، مسبّقاً، أن أوضّح أن العنفَ الذي أؤسّسه مع الأدبِ من نوع خاصّ، داتشو وهيروشيما(10)، لكنه لا يتحدّد بهما بالضرورة. فهو عبثيٌّ حتى أنه قد لا يتعلّق بمعنىً أو قيمةٍ. وظيفتهُ هي تحويلُ البشر إلى أشياءَ؛ تحت ضغطٍ منه، مَسخ سُفليٌّ للبشر، نحو ديدانِ بيكيت، البشرِ الحشراتِ وإفرازاتِ بوروز(11) الحسّاسةِ. وهو ليسَ بمرحليٍّ بل مكانيٌّ، ليس بتاريخيٍّ بل وجوديٌّ، دورٌ محتوم للمشهدِ الطبيعيّ. كما جادلَ، واقعياً، فريدريك ج. هوفمان(12) في "لستُ بهالكٍ"، حيث يقترحُ مشهدُ العنف هذا "انسحاباً تاماً نحو أشكال البشر المألوفة مِن المعتَدِي والضحيّة. علاوةً، فلكلٍّ من المعتَدِي والضحيّة دورٌ بالمشهد الطبيعيّ". إن استعارةَ العنفِ هذه كمشهدٍ طبيعيّ أو داخليّ هي تعريفٌ متطرّف للانتهاكِ الذي سيؤسّسهُ نقاشي. قد نبدأ رؤيةَ هذا المشهد متشكّلاً في مناظرَ برودواي السورياليةِ ضِمنَ كتبِ ميللر "المداريّة"، لرؤيةِ ما يتبقّى منها، بينما ينحسرُ العنفُ حتى الموتِ، في المساحاتِ الفارغة من "لُعبةِ النهاية" لبيكيت أو "كيفما كان". وفوقَ هذهِ المناظرِ يتعلّق دائماً هناك السكونُ المرعب.
سابقاً على هذه النقطة، قد نستبدلُ انعكاسَ الحافز في أدبِ الصمت؛ بمصطلحٍ جديد يستدعي التمثيلَ. لو كان الانتهاكُ استجابةً لخواءٍ، فهو لا يخدم كالتماسٍ لوجود، بذا فهو يؤدّي لنقيضه، الذي يكون ابتهالاً للرؤيوية. يسهلُ أن نرى هذا التحوّلَ في آدابِ السود حيث يستسلمُ الاحتجاجُ بزِيّه القديم إلى انتهاكٍ حديث، بينما يستلزمُ الانتهاكُ الرؤيويةَ. يشتقّ جيمس بولدوين(13) عنوانَ كتابه المُهدِّد من مفتَتحٍ بالكتابِ المقدّس: "أعطى الربّ نوحَ علامةَ قوسِ قزح: لا ماءَ بعد، النارُ في المرةِ التالية". عنفٌ رؤيويّ، كما عرّفه د. هـ. لورنس(14)، يمكن تمثيلهُ بطاغيةٍ يقتَصّ من أعدائهِ، كما يمكن فهمُ مثالِ العدالة بواسطته كفكرةٍ عن القوة أكثرَ مما هي عن الحبّ. وفي أشكالٍ أخرى من الأدبِ الحالي، عموماً، نرى المشاعرَ المختفيةَ وراء استعاراتِ الرؤيويةِ أكثرَ تعقيداً. فهي تتضمّن شيئاً قريباً من الرفضِ التام للتاريخِ والحضارةِ الغربيّين. كما تُلمِح إلى رفضٍ للهويّةِ البشرية، صورةِ الإنسانِ كمعيارٍ لكافّة الأشياء. يقول آندي وارهول(15): "لو أكونُ آلةً"، ولو أنه كانَ يمزحُ أو حسنَ النيةِ في كلامه، فهو يتكلّم إلى كَسِيحي بيكيت، ومتَهتّكي ميللر، ومدمني بوروز. واقعياً، نرى النفورَ من الذاتِ الغربيةِ ضارباً بعمقٍ أزيدَ من التبرؤ من التاريخ والحضارة. وحين يُخفِق هذا الاشمئزازُ أن يجدَ منجزاً بتدميرٍ ماجنٍ، يُفني نفسَه في "بوذية الزنّ(16)" و"فيزياء باتا(17)"، أو "فنّ الكامب(18)".     
يربطُ النفورُ من الذاتِ بين بواعثِ المدمَّر والخياليّ في الرؤيويةِ الحديثة، وهو يتجهّز للبعثِ. يظنّ د. هـ. لورنس: "ابدأ بالشمس، وبطيئاً بطيئاً يحدثُ الباقي". فالشمسُ، مهما كانت بعيدةً، إلا أنها في متناولِ العين. أما ويتمان(19)، الذي كان متنبئاً إلى حدّ ما بمزاجنا، فقد وضعَ كمالاً بعُمرِ ألفيّةٍ لحاضرنا الأبديّ:     

"ما مِن بدءٍ أكثرَ مما هو الآن،
ما مِن شبابٍ أو عُمرٍ أكثرَ مما هو الآن،
ولن يكونَ كمالٌ أكثرَ مما هو الآن"  

رؤيويةٌ بمثابةِ الآن! يغطّي المصطلحُ إحساسَه البكر، كنوعٍ من الكشفِ حرفياً، وتنفذُ الرؤيةُ من ارتباكاتِ اللحظة إلى قلبِ النور. وبكلامنا المألوفِ يدّعي الاعتقادُ اللاخُلقيّ أحياناً تعديلَه للوعي، وهو يتبعه لربما يُتعَرَّف عليه في خبراتِ المخدِّر عند ألبرت(20)، وليري(21)، وفي شِعر جنسبرج(22)، وفي رؤية ريتش(23) لحدّ النُّعاظ والذي يعلنهُ مايلر(24)، وفي الكشفِ الصوفيّ ـ النفسيّ لـ نورمان أُو. براون(25). إن تعديلَ الوعي هو كذلك أملُ ميللر الثابتُ عبر خطاباتهِ الرؤيوية، وموضوعٌ للمحاكاة الساخرة بمناجيات كارتيسيان لـ بيكيت، لكلٍّ منهما مشروعٌ نقيضٌ يُفسَّر في إتقانٍ صامت. الكشفُ ليس قاصراً، على أيّ حال، على شامانية(26) مخبولةٍ أو نشوةٍ غير أرضية. كما وضعها ليزلي فيدلر(27) في "انتظار النهاية": "قد نرى عالماً مختلفاً دون إشعال طلقةٍ أو تأطيرِ قياسٍ لمنطق، ليس غير تعديلِ وعينا؛ ووسيلة تعديله في متناولِ اليد..."، حلمُ ثورةٍ قد يقضي على الثورات كافّةً ـ وربما على الأحلام كافّةً. 
يزوّدنا الانتهاكُ والرؤيوية، من ثمّ، بمرآة رامزةٍ إلى خيالٍ معاصر، رامزةٍ لما تحويه من كلّ فعّالٍ وخطير بخبرتنا. أيضاً هما مرآةٌ رامزة بحسٍّ ينعكسُ عند ميللر وبيكيت عوالمَ منقلبةً. يدعنا بيكيت في عالمٍ جدّ مستَنفَد من الحياةِ فلا شيءَ يُعوِزه الطوفانُ ليجدّده، حيث نقتربُ من غيبةِ الانتهاك. كما يقدّم لنا ميللر عالماً مشوّشاً بانتظامٍ على جُرفٍ متحوّلٍ، فنشهدُ عنفوانَ الرؤيوية. ما يتشاركُ فيه العالَمان هو درجةُ الصمت. فاللّسانُ البشريّ أخرسُ عند الرعبِ والوَجد.   


3
ولو أمكنَ فوق ذلك تخطيطُ الأدبِ الجديد بأقصى الاستجاباتِ من الانتهاكِ والرؤيوية، فقد تساعدُ أفكارٌ أخرى في الحفاظِ على الصمت بمركزه. المُقام الأول، لفكرة "إبداع العبث" الذي يُخضِعُ المؤلفَ كي يستنكرَ، بل حتى يزدري نشاطَه. يقولُ كامي: "لا يغيّر الخلقُ أو عدمُ الخلقِ شيئاً"، "لا يقدِّر مبدعُ العبثِ عملَه. وقد يجحَدهُ". يعتزلُ الخيالُ سلطتَه الغابرة، لا يجدُ تمجيدَه في الفكرةِ الرومانتيكية لشاعرٍ ملعون، بل في الشعورِ السافر عند مؤلّفِ الصمت الذي يوثِّقُ حُزمةً من الصفحاتِ البيض. 
عندما يتلطّفُ الكاتبُ بوضعِ كلماتٍ على الورق، فهو ميالٌ لتصوّرٍ ما ضدّ الأدب، إما بحَدَثٍ صرفٍ أو بلعبٍ غير ذي جدوى. نعرفُ أن رؤيةَ الفنّ هي الحدَث، وتصديقُ ذلك في "ما الأدب؟" لـ جان بول سارتر(28)! أن نتكلّم هو الحدَث، كما يدّعي سارتر، وكلّ ما نُسمّيه يفقدُ هراءَه، يصبحُ جزءاً من عالمٍ نعيشُ فيه. لو كانت للفنّ قيمةٌ، فلأنهُ يوضّح ذاته كجاذبيةٍ معلَنة. وخلافه، "في أسطورة سيزيف"، حيثُ يطري كامي بحقٍّ آدابَ السلوكِ عن الحِذق. وتجد رؤيته هذه نتاجاً غريباً وجريئاً في لوحات الحدَث عند بولوك(29)، الذي لم ير الفنّ كجاذبيةٍ معلَنة بل عمليةً لإبداع الفنّ. عمليةٌ أحاديّة إن لم تكن بالغةَ الخصوصية، وترتدّ قيمتها إلى المؤلّفِ أكثر منها إلى جمهوره. وعلى غيرِ المتوقّع يشبهُ ذلك رأي ميللر. فكتابته سيرةٌ ذاتية، السيرةُ الذاتية مداواة، شكلٌ للحدَث عبرَ الحدَث. "علينا بالنظرِ في اليومياتِ..."، قال ميللر "لا لأجلِ الصدقِ في الأشياء بل تعبيراً عن المجاهدةِ لنصبحَ أحراراً في تملّكِ الصدق". وتنتمي هذه المجاهدةُ أصلاً إلى كاتب اليوميات، أو حين يكون الحدث مباشراً بحسّيته، لشاعرٍ؛ كما يقولُ ميللر: "لا أنادي بشعراءَ يقرِضون قصائدَ موقّعةً أو نثريّةً، بل أنادي بشاعرٍ إنسانٍ يستطيعُ تعديلَ العالَمِ في العمق".    
عموماً، فيما يخصّ بيكيت، فالكتابةُ لُعبةٌ عبثية. بحسٍّ معين، نعتقد أن أعمالَه كأنها محاكاةٌ ساخرة لنظريةِ لودفيج فتجنشتاين(30) حيثُ اللغةُ نظامُ ألعابٍ، مماثلٌ لحسابِ القبائلِ البدائية. إن محاكياتِ بيكيت الساخرةَ، مشبَعةٌ بحقدٍ شخصيّ، وتكشفُ عن ميلٍ عام ضدّ الأدب، يصفه هيو كينير(31) في صفاء: "لا ينسحبُ قياسُ التمثيل الثقافيّ المهيمِن في العصر الحالي بيولوجياً ولا نفسياً (على رغم أنها علومٌ نعرفها)، بل إلى نظريةِ العددِ الشائعة". والفنّ ذو مجالٍ مغلق إذ صار لعبةً عبثية من التباديلِ، كما يرضعُ مولوي(32) حجارةَ الشاطئ؛ و"يعتزلُ الكلمةَ" ـ وهذه العبارةُ لـ جورج شتينر(33) ـ تُنزلُ اللغة إلى نسبتها العدديّة الصافية.
تكتفي مفاهيمُ الأدب بالإمتاعِ، كلُعبةٍ وكحدَثٍ يندمجان بشكل آخر في صمتٍ استعاريّ: فُحشُ الأدب. يصعُب تعريفُ المصطلحِ برداءةِ سُمعته عدا الحدَث الرسميّ؛ استخدمتهُ هنا لأشيرَ أساساً إلى أعمالٍ تربط الفُحشَ بالاحتجاجِ. كما يتيسّر فهمُ أنه في ثقافةٍ ممنوحةٍ بقَمع جنسيٍّ، يأخذ الاحتجاجُ شكلَ الصدى الدائريّ للفُحشِ. الأدبُ الفاضح لهذا الحافزِ هو أدبُ تمرّدٍ. عموماً، فالفُحش مختَزَلٌ بعنفٍ، ومصطلحاته ومقابلاته وأشكاله المبتذلَة محدّدةٌ بصرامة. وعندما تبرد خلفيةُ الغضبِ، يتبدّى الفُحش كلُعبةِ تباديلَ، مقتصراً على كلماتٍ عدّة وأحداثٍ أقلّ. يتكونُ هذا الانطباعُ المضاعَفُ مأخوذاً من كتاباتِ دو ساد(34): ذلك أن احتجاجَه بَشِعٌ ولُعبته مخدِّرةٌ في النهاية. لقد خطّط دو ساد، والذي يعتبرهُ الكثيرون اليوم من إرهاصاتِ الطليعيين، لسكونيةِ فضوله، فُحشه وعنفه المتكرّر يعصِبُ عينَيْ اللغةِ. جعله مايلر ممكناً، وكذلك بوروز، طوّرا محاكياتٍ ساخرةً للعنفِ الجنسيّ. ولا تزالُ ملاحمُ ميللر الجنسيةُ بسيطةً حتى ليصعُب معها إدراكُ أقصى إمكاناتِ محاكياتها الساخرة الشخصيةِ، ومن جانبٍ آخر، تتهكّم هواجسُ بيكيت، تجريبياً، على ذواتِها وتنكرُ الحبّ كلّه. بلُعبةِ المحاكاةِ الساخرة، كما في حدَث الفُحش، لا قواعدَ لغوية. يقفُ ميللر وبيكيت سوياً ومتواجِهَين، يقترحان سلوكاً شَرْجياً تناسلياً لأدبٍ إباحيٍّ.    
لكن أدبَ الصمت يتوصّلُ إلى إنكارِ الزمن الذي كرّمته وظائفُ الأدب، وإن بوسيلةٍ أخرى: يستلهم حساسيةً مستحيلة. كما تنشأ الواقعيةُ الجديدة من (حساسية موسيقية) عند ستوك هاوزن(35)، ومن كولاج دو شامب(36)، حتى روزنبرج(37)، لما هو مطروحٌ عبرَ البحثِ البيئيّ عند شويتزر(38)، وتحت التأثيرِ التوافقيّ لـ شويتزر وأبولينير(39)، في ذلك الشكلِ الهجين للتأثيراتِ البصريةِ واللّفظية، الشعرِ الملموس(40)، والذي يعتمدُ الهجائيةَ من أجل تكوينٍ صُوَريّ. ثمة استلهامٌ أقلّ وضوحاً في حساسيةٍ نشعر بها عند ترومان كابوت(41) في (بدمٍ بارد). انحرافٌ إلى جاذبيةِ الفانتازيا. يدّعي كابوت مشايعَته الالتزامَ بالحقيقةِ في وسوسةٍ، ويكتبُ كما يدّعي أول "رواية لا روائية". ولا تترابطُ الواقعيةُ الجديدة، في الأدبِ الأوربيّ بوجهٍ عام، مع الريبورتاج، بل مع ظاهراتيةِ إدمون هوسرل(42). وهو مفكّرٌ صعب خلّفَ تأثيراً معقولاً على الإنسانِ خلافاً لـ سارتر وهيدجر(43)، لا يمكن إيجازُ هوسرل دونَ تحريفاتٍ فادحة. مع ذلك، يمكنُ القولُ إن فلسفة هوسرل تعرِّفُ الشكلَ الخالصَ للوعي الذاتيّ بما لا يضمّ عناصرَ ولا يصيرُ موضوعاً لتجربة. هذا الشكل من الوعي، المنعزل بمسلسل من "التحوّل"، ليس جزءاً من عالم الأشياء الشائع، ولا المشاعر، أو الأحاسيس. نقبله عادةً وكأنه عمقُ الذات، الأنا، عليه أن يكون "مدعوماً" أو يُطرَح جانباً، مثل وحدةٍ تجريبية معرّضة لـ "تحوّل سامّ" نهائيٍّ يمنحُ وعياً خالصاً. ويوضّح بعنفٍ أن الذاتَ الحقّة مجهولةٌ، وقد تكون مثل "اللا بطل" عند بيكيت، غير المُسمَّى.     
كيف لهذه النتيجةِ أن تؤثّرَ في الرواية؟ وقد بدأت مبادئ السببيةِ القديمةُ، التحليلُ النفسيّ، العلاقاتُ الرمزية، والمبادئ التي أقرّتها الروايةُ البورجوازية بارتياحٍ ذات مرةٍ، تنهارُ. قد تكون "مولوي" بيكيت أولَ رواية كُتبت بهذا الأسلوبِ الجديد، مع أن "غثيان(44)" سارتر جذبت اهتماماً أوسع. في روكنتين نرى شخصيتَه مقتنعةٌ بلا علاقات كونية، فقد تحطّمت الأشياءُ منحلّةً في كلماتٍ، وليس ثمة رابطٌ بين الذات والموضوع. ويظلّ ألن روب جرييه(45) ينبذ إنسانيةَ سارتر برفضِ مركزيتهِ البشريةِ كاملةً. لو رغبَ الإنسانُ في فرديته، منحرفاً عن تبادلِ الفكرِ مع العالم، لو أثبتَ، بالرغمِ من كلّ شيء، أنه ليسَ الردّ على لُغز أبي الهول الخالد، فلن يكون مصيرهُ تراجيدياً أو عبثياً. "الأشياءُ هي الأشياء، والإنسانُ مجرّد إنسان"، هكذا جادلَ روب جرييه سعيداً "من الآن فصاعداً، نرفضُ كلّ اشتراكٍ جرائميٍّ مع الأشياء... علينا أن نرفضَ، بالمماثلة، أيّ فكرٍ لأيّ نظامٍ قبلَ تأسيسه". يتبع هذا أن الروائيّ قد يكون واقعياً، يسمّي السماء أ, يُسلّي بصور خالصة. من دون الشخصية، الحبكة، الاستعارة، أو المعنى، من دون الزعم بـ "باطنية"، فإن اللاروايات الفرنسية لأمثال ساروت(46) وبوتور(47) وروب جرييه، لها هدف ـ مثلما للسينما الجديدة ـ بتأثير بَكَرة الصمت. وما يصرّح به هارولد روزنبرج يبدو ملائماً للأدب كما للفنون البصرية: "كان الخيميائيون الفرنسيون وراءَ الشيء ذاته، الواقعِ الجديد دوماً ـ والذي يتقدّمُ خارجاً من صمتِ البلاغة الحاضرة". 
ويتحقّق الصمتُ في الأدبِ الجديد عبرَ التهكّم المتطرّف ـ وهو اصطلاح أستخدمه لأيّ عبارة تحوي إنكاراً ساخراً. فالكريتيّ(48) الذي يدّعي أن أهله كذّابون يفيدُ كمثالٍ؛ وآلة تينجولي(49) التي ما من وظيفة لها غيرَ تدمير ذاتها، مثال آخر. ولا يتطلّب التهكّم المتطرّف، بمعنىً آخر، كولاجاً من أشياء مطروحة بل نسيجاً فارغاً. وتعود أصوله الحديثة بأثرها إلى بضعةِ أشكال أساسية في قرننا، أخصّ بالذكر كافكا(50) ومان(51). اقترب كافكا من استدعاء الفراغاتِ جامدةً وبيضاءَ. وأبرز مان الصوتَ في تهكّم تامّ، ارتفعَ فقط نحو إلغاءِ ذاته في محاكاةٍ ساخرةٍ شخصية، آمنَ بها مان، ممسكاً بتلابيبِ أملِ الفنّ الوحيد. هكذا نرى أن إيريك هيللر(52) مُحقٌّ في تدوين: "يرثي الفنّ بشكلٍ تراجيديّ خسرانَ سحرهِ الخاصّ في دكتور فاوست(53)، ويبلغهُ مرحاً بترتيبٍ كونيٍّ في فليكس كرول(54)". ولهذه النزعة سابقاتها المبكّرة بين الرومانتيكيين الألمان والرمزيين الفرنسيين. الآن، ومن نحوٍ آخر، يمتدّ التهكّم المتطرّفُ إلى السوفسطائيين. وتعدّ فكرةُ هايدجر(55) عن "لغز السلوان"، ورؤية بلانشو(56) للأدب كشكلٍ من "باعثٍ للسلوان"، تطوراً نظرياً للتهكّم. بصلابة أشدّ، يهزلُ مايلر في "حُلم أمريكيّ" بصراحةٍ، وينكرُ فعلياً شكلَ الروايةِ بتحوّلهِ إلى فنٍّ شعبيّ. أما ناتالي ساروت في "الثمار الذهبية"، وهي روايةٌ عن روايةٍ فتلغي ذاتها وتدّعي أنها "الثمار الذهبية"، تندفع إلى السلوان خلال فعلِ القراءة. وكان من المحتمَل تطويرُ هذه التقنية الانعكاسيةِ من قِبَل بيكيت، ولقد أتقنها فعلاً؛ في خاتمةِ آخر رواياته "كيفما كان"، والكتابُ واقعياً عن "كيفما لم يكن". ومثلُ هذه الحيلة ليسَت عبثاً، فالعبارة التي تُوهِم بالتناقضِ في الأدب، توظّفُ الأدبَ لإنكار ذاته المتجذّرة في قوةِ الوعي البشريّ، كي يرى ذاته في كلّ من الذات والموضوع. بداخل العقل فعالية أرخميدية(57)، عندها يصبح العالَمُ غيرَ محتَملٍ، يترفّعُ العقلُ بذاته إلى زهوٍ أعلى أو يقعُ في الجنون. أو ينزعُ إلى التهكّمِ المتطرّفِ كي يكشفَ الأدبُ عن نطاقهِ في النهاية. عند بيكيت، لا يصوغُ الأدبُ ذاته بصراحة، أما عند ميللر، فالأدبُ يدّعي بغرابةٍ أنهُ الحياة. ما يصعُب إدراكه في التهكّمِ المتطرّفِ هو إنكارهُ حقيقةَ التعدّيات على الفنّ. عبره، يصوغُ الفنانُ تكريسَه الأخيرَ إلى ربّةِ الفنّ، وعبرَه يدنِّسُها أيضاً. وهكذا يتّضح تكافؤ الأضدادِ لدى كلٍّ من ميللر وبيكيت.   
في النهايةِ، يجاهدُ الأدبُ لأجل الصمتِ بانتهازِ الفرصةِ والارتجال، يصبحُ مبدأه هو اللاحتمية. برفضُ النظامَ، النظامَ المفروضَ أو المكتَشَفَ، يرفضُ هذا النمطُ الأدبيُّ قصديتَه. وأشكالهُ تبعاً لذلك غيرُ هادفة؛ وعالمهُ هو الآن الأبديّ. إننا مدعوّون إلى انتهازِ براءةِ اختراعنا، لأجل الخطأ والمراجعة، وهو الآنَ غيرُ متعلّقٍ بشيء، منفيٌّ إلى الأبد. كما تخطو الصخورُ في حديقةِ "الزنّ"، يبدو أنه أدبٌ عشوائيٌّ يحتفي بالأشياء كما هي. وتؤكّد هذا الانطباعَ كتاباتُ جون كيدج(58)، الموسيقيُّ كما هو شاعرٌ، والذي أعتبره أفضلَ من ساتي(59)، حيث يصدمُ جمهورَه بوعيٍ طقوسيّ من التأليفِ العشوائيّ. وهو ما يقوله كيدج عن الصمتِ: "إن قصدَنا هو إقرارُ هذهِ الحياة، لا أن نجلبَ نظاماً خارجاً من هباءٍ أو نقترحَ إصلاحاتٍ في الخَلْق، بل أن نصحو ببساطة على كنهِ الحياة التي نحيا، والتي هي جدّ رائعة، إذا أَعمَلتَ عقلك ورغباتك بعيداً عن طرقها لتدعها تتصرّف من تلقاء نفسِها. ولو تتبّعنا هذا الشعورَ لوجدناه في: أعمال هنري ميللر، شِعر جنسبرج، روايات كيرواك(60)، وآخر قصص ج. د. سالنجر(61). وبخلاف كيدج، بوجه عام، يبدو هؤلاء المؤلّفون سطحيّين في مواءمة حياتهم الروحيةِ نحو ممارسةِ الأدب. ومثالاً، يهوَى ميللر التظاهرَ بأنه راويةٌ ثرثار، بالرغم من أن جلّ أثره كان لأجل الطاو(62) وميليربا(63). ومهما ظهرت العشوائيةُ بعملهِ إلا أنه يمكن نسبتها إلى تصميمه الفنيّ بدرجةٍ أقلّ من طَوره المزاجيّ. مرت سنواتٌ عدّة، منذ أن اقتربَ الدادائيون والسورياليون من تقطيع أوصالِ الأشكال الأدبية بأقلّ أناقةٍ روحية. وقد يصحّ هذا في عصرنا، على غرار المؤلّفين العشوائيين مثل رايمون كونو(64)، مارك سبورتا(65)، وليم بوروز. ففي "مئة ألف مليار قصيدة"، أنشأ كونو "آلة شعرية"، عشر صفحات متداخلة السونيتات (14 سطراً)، كلّ سطر منها يمكن قراءته بأيّ انضمام محتمل مع جميع الأسطر الأخرى؛ والنتيجة: عليك بمئتي مليون عام فقط لكي "تقرأ". وفي "الرقم واحد" يدعو سبورتا قارئه لإبداع كتابه الخاصّ كلّما جلس إلى مجموعة بطاقات مدرَّجَة. تقترح "رواية اللّخبطة" إستراتيجية المصادفة كدورٍ منطقيٍّ في خبرةِ الأدب. أما بوروز، والذي يظنّ أنه لكي تتكلّم فعليك أن تكذب، فيحاول الروغان من الكذب عبر "طريقة التقطيع لـ بريون جيسين(66)". وبالرجوع سابقاً إلى آثار الدادائيين مثل تريستان تزارا(67) وبوروز، يوضّح:

الطريقةُ بسيطةٌ: خُذ صفحةً أو أكثر أو أقلّ من كتاباتكَ أو من أيّ كاتبٍ سواءً كان حياً أو ميتاً. أيّ كلماتٍ شفهية أو مكتوبة. قصقصها أجزاءً بمقصٍّ أو مُديةٍ، كما تحبّ، ثم أَعِد ترتيبَ الأجزاءِ. انظُر بعيداً. واكتُب الناتجَ الآن...  
استعمالاتُ طريقةِ التقطيعِ غيرُ محدّدة أدبياً فهي مقصوصةٌ من حَدَّيْ الزمن. فأسطرُ كلمةٍ قديمة تجعلكَ باحتذاء كلمةٍ قديمة. احذف طريقتك. قَطِّع صحيفةً قَطِّع فيلماً قَطِّع شريطاً. بالمقصّ أو مديةٍ كما تحبّ. خذه كي تقطّعَ مدينةً.   

كولاج دادائيّ، بوذيةُ الزنّ، وحتى نظرية نيومان(68) للألعاب، تبدو صحيحةً بالتساوي مع تحريرِ الإنسان من عاداتِ الكلمة. بوروز له حدٌّ عشوائيّ مع بيكيت، ينتهي بمشاركةِ الأخير في إيقاعاتٍ متشنّجة على آلةِ النبذ. غرضُ هذه الآلةِ الوحيدُ: عملكَ في اللغةِ أن تنبذَ كلّ معنىً. 
بوضوح، الصمتُ في مركزِ اللاأدب صاخبٌ ونوعيّ. عند إبداعهِ بصدمةِ الانتهاك أو الرؤيوية، وعند تزيينهِ بمفهومٍ أدبيّ كحدَثٍ خالصٍ أو لعبةٍ خالصة، أو من عملٍ أدبيٍّ بذاتهِ كموضوعٍ ملموس، صفحةِ بياضٍ، أو ترتيبٍ عشوائيّ، فقد يصبح أخيراً من دون علاقة. الفعاليةُ كالتالي: صمتٌ يتطوّر بينما تُختارُ استعارةُ هذا الاتجاهِ الجديدِ أدبياً لتوائمَ الذاتَ على الدوام ـ ويرهنُ هذا المنزعَ سؤالٌ عن الطاقةِ الغريبة، البراعةِ الغابرةِ، عن خطابٍ أدبيّ ـ وتحدياتٍ لانتحالِ حضارتنا. 


4
أصبح إخفاقُ هذا الاتّجاه لغزاً نوعاً ما، عموماً، في تكوينِ انطباعٍ لدى النقّاد الأمريكيين والإنجليز. الاستشرافُ العمليّ والحسّاسُ للسابقِ والشكلانيةُ المرهِقةُ التي لا تزالُ مغوية، تعلّلُ جزئياً كراهيتَهم الفطرية. علاوةً على أن اللاأدب ينحو إلى زعزعةِ النقّاد بميلٍ إنسانيّ حازمٍ وكي ينفّرَ آخرين، ماركسيين أو اشتراكيين، حين يتورّطون بفكرةٍ محدّدةٍ عن الواقعية. 
وقد نعتبرُ النقّادَ الفرنسيين غيرَ عمليّين أو ضيّقي أفقٍ كأيّ نقّادٍ آخرين، فقد نجحوا في أن يظلّوا استثناءً. ورأينا كيف أثّر سارتر طويلاً بكتابهِ "ما الأدب؟" على أزمةِ اللغة لدى دادائيّي وسورياليّي بداياتِ القرن؛ وبعدَ عقدٍ من الزمنِ كتبَ تقديماً لـ ناتالي ساروت في "بورتريه لغريب"، متحدّثاً عن "تأليفِ حياةٍ بعباراتٍ نافيةٍ أفسَدت اسمَ اللارواية". وهكذا اشتُقّ مصطلحٌ جديدٌ لمفرداتِ منتصفِ القرن. وفي "كتاب الآتي" قدّم موريس بلانشو تعريفاً لـ روسو(69) بأنه أولُ متّهمٍ في عُرفِ الصمِت "عنيدٌ في كتابةٍ ضدّ الكتابة"، معتبراً أن الأدبَ يقتربُ من "تاريخٍ دون نطق"، كما في بعض أعمال ميللر وبيكيت، والتي تُفهَم كمتوالياتٍ صوتية. وطبقاً لـ بلانشو، يتحرّكُ الأدبُ دائماً نحو جوهره، وهو متَخَفٍّ. وبالمماثلةِ، نرى جذرَ رولان بارت(70) في "الكتابة في درجة الصفر" غائباً. يقترحُ بارت "تبدأ الحياةُ مع البحثِ عن أدبٍ مستحيل"، ونتيجةَ هذا البحثِ حلمٌ أورفيوسيّ(71): "مؤلّف من لا أدب". أما كلود مورياك(72)، وهو أول من ضَمّن ميللر وبيكيت بدراستهِ النقديةِ "أدبٌ جديد"، فيلاحظ: "بعد صمتِ رامبو(73)، صفحةُ بياضٍ مع مالارميه(74)، صرخةٌ خرساءَ مع آرتو(75)، أدبٌ في النهايةِ ذائبٌ أدبياً مع جويس(76)... ومع بيكيت... كلماتٌ كلها تتلو الشيءَ ذاته". بوضوح، روحٌ فرنسية مستبصرةٌ لا تجلبُ نفسَها نحو حاجزِ الصمتِ في الأدب.     
لكني أشكّ في أن هذا الاستبصارَ لم يعد ملائماً لطموحاتِ النقد. نحسّ بازديادٍ أنه على النقد أن يفعلَ أكثرَ من التوضيحِ، عليه أيضاً أن يمتلكَ حكمةَ المشاعرِ والروح. نريدُ له أن يخاطرَ بنفسه، كما يفعلُ الأدبُ، ليشهدَ على حالنا. ونأملُ حتى بتحمّله عبءَ الكشفِ. وقد حدا بي هذا الأمل أن أقترحَ رؤيويةَ النقدِ قبلَ خضوعِ إحساسنا للموضوعِ المتّصل. على الأقلّ، يستضيفُ بعضَ العاطفةِ لاستعاراتِ الرؤيوية ليختبرَ بدَهِيات اللاأدب. يتّضحُ هذا ضمنَ قطعةٍ نادرةٍ من النقدِ الأمريكيّ، الذي يجرّبُ هذه المَهمّةَ بدقّة. يوضّح ليزلي فيدلر في "المتغيرات الجديدة" فهمَه للمقارباتِ المعقّدة بأن الخيالَ الأدبيّ يعملُ الآن في الصمتِ، في الفُحشِ، في الجنونِ، وحتى بحالاتِ ما بعد الجنسِ المتعلّقة بالغَشية الصوفية. وعرفَ أيضاً أن الحاسمَ لعصرنا هو "إحساسٌ بأن الأدبَ يتصوّر في البدايةِ إمكانيةَ المستقبل... ومن ثمّ يتجهّز للمستقبل فَرِحاً أو فَزِعاً بالتوقّعاتِ، فهو يؤهّلُ لكلٍّ منا أن يسكنه". 


5
قد يصفّي اللاأدب المستقبلَ، لكن العقلَ الناقدَ لا يزال يبحثُ عن إعادةِ طمأنةِ التاريخ. فهل يسترجعُ أدبُ الصمت تمزيقَ أوصالِ أورفيوس، بدايةً مع الأدلاّء، كما يسترجعُ الأعجوبةَ التوراتيةَ المبتكرة، التي شهدَت تحوّلَ الكلمةِ إلى جسدٍ؟ وهل على النوع البشريّ القادم من بعيدٍ عبرَ ممراتِ ما قبل التاريخ، أن يخضعَ لحلمِ صمتٍ؟ على النقيضِ تماماً. قد يصبحُ الأدبُ الجديد تطرّفاً، وحلمهُ رؤيوياً ومنتَهَكاً. ويُفهَم ذلك من اهتماماتِ الحياة؛ كما نعرفُ، فالحياةُ ترتقي أحياناً عبر العنفِ والمتناقضات.
في ترجمتنا لأسطورة أورفيوس، رأينا المينادات(77) يمزّقنه بوصايةٍ من ديونيزوس(78)؛ وفي ترجمةٍ أخرى، قتلنَه في نوبةِ غيرةٍ متهوّرة، لأن أورفيوس فضّل صُحبةَ الشبّانِ على النساءِ منذ موتِ زوجتهِ أوريدس، ويتّضح شيءٌ واحد: أن أورفيوس، الصائغَ الأسمى، كان ضحيةَ صدامٍ غيرِ رحيمٍ بين المبدأ الديونيزيّ متمثّلاً في المينادات، والمثال الأبولّوني(79) الموقّر كشاعر. إن أورفيوس ممزَّقٌ، لكن رأسَه مستمرٌّ في الغناء، وحيثما تدفنُ ربّاتُ الفنّ أطرافَه تصدحُ العنادلُ بألذّ من أيّ بقعةٍ أخرى في العالم. قد تصبحُ أسطورةُ أورفيوس حكايةً رمزيةً لفنانٍ في وقتٍ معيّن. لكن قوَى ديونيزوس، والتي على الحضارةِ أن تقمعَها، تهدّدُ هذه الأوقاتِ كي تنفجرَ طلباً للثأر. بمثلِ هذه العمليةِ، قد ترتبكُ الطاقةُ، وتستحيلُ اللغةُ إلى عواءٍ، قَوقَوةٍ، صمتٍ مفزع؛ شكلٍ يتشوّه دون رحمةٍ كالجسدِ البائسِ الذي كانهُ أورفيوس. يبقى سؤالٌ متلكّئ، الآن وفي ذلك اليومِ الموحِشِ بتلال تراقيا(80): أما من بدٍّ لرأسِ الشاعرِ المقطوعِ أن يداومَ الغناءَ؟ ولأضَع السؤالَ بفظاظةٍ أشدّ: أعلى الحياة أن تُربكَ الفنّ دورياً لتضمنَ العافيةَ والغلَبةَ البشرية؟ أعلى الكلماتِ أن تتوقَ إلى السكون؟  
وثمة دليلٌ على هذا في تاريخِ الأدب، في إرهاصاتِ السكونِ والتمزّق. ضمنَ "توتّرات نزاع"، مثلاً، يعرّف روبرت مارتن آدامز(81)، بذكائه، البنيةَ التي هي أسلافُ اللاأشكال المتداوَلَة. "الشكلُ المفتوح" يقول، هو بنيةُ معانٍ "تتضمّن صراعاً أساسياً غيرَ مصمّمٍ بفحوَى سكونيته... من جانبٍ أيسر، خطٌّ كميّ بلا حدّ، ينقسم من لا شكلانية عامة أو ضلّيلة ولا حتمية؛ ومن جانب أيمن، خطٌّ كميّ بلا حدّ مساوٍ، من شكلٍ يؤثّر فينا وكأنه مغلقٌ بارز، برغمِ أن له عناصرَ انفتاح". رمزياتٌ هامّة، تأخذُ إشارتها من نورثروب فراي(82)، فهو يتمنّى الادّعاءَ بتطوّرِ الأدبِ من أساليبَ أسطوريةٍ إلى أساليبَ تهكّمية، وكذا تفعلُ الأشكالُ الأدبية؛ فهي تتطوّر من مغلق إلى مفتوح إلى لا شكل. ويصبحُ التمييزُ بين الأشكالِ المغلقة والمفتوحة ظاهرياً عند مقارنةِ أوديب ملكاً لـ سوفوكليس(83) بعابدات باخوس لـ يوريبيدس(84). وآدامز محقّ بتفهّمه أنهُ على الرغم من أن مسرحيةَ أوديبَ تتوصّلُ إلى حلّ صراعاتها وتبعثُ حالةً من الاسترخاءِ الجزئيّ لدى الجمهور، إلا أن عابدات باخوس تدَعُ جمهورها في حالةِ كَربٍ غيرِ محرَّر. وتعبّر أوديب، كشكلٍ مغلق، عن رؤيةٍ دينيةٍ محافظةٍ للعالم وإحساس بالخبرة الجَمعيّة. بينما تبلّغ عابدات باخوس، كشكلٍ مفتوح، عن رؤيةٍ متجاوزة ومتطرّفةٍ للعالم وإحساسٍ بالخبرة الفرديّة. ونقولُ، باستقواءٍ جريءٍ على هذا النحو، ربما كان هذا هو اللاشكل، ففي انتظار جودو لـ بيكيت رؤيةٌ تهكّميةٌ عدميةٌ للعالم وإحساسٌ بخبرة خاصةٍ جداً. 
لكننا لسنا في حاجة لالتزام رمزياتٍ صارمة كي ندركَ ذلك، فما بين عابدات باخوس وانتظار جودو عددٌ هائل من أعمالٍ في الأدبِ الغربيّ تكشفُ عن إحساسٍ متنامٍ بالتمزّق، قدرةٍ متزايدةٍ على التشويه. ولننظر، بالدراما وحدها، في السياق المقترح بالتالي من المسرحيات: هاملت شكسبير(85)، فاوست جوته(86)، فويتسك بوشنر(87)، طائر أزرق ميترلينك(88)، لُعبة حلم ستريندبرج(89)، أوبو ملكاً جاري(90)، ستّ شخصيات تبحث عن مؤلّف بيرنديللو(91)، زنوج جينيه(92)، وسفّاح يونسكو(93). يبدو أن الشكلَ الدراميّ يتحرّكُ من توتّراتٍ غير محلولةٍ إلى مراوغاتٍ رمزية، ومن الأخيرةِ إلى التواءاتٍ تعبيريةٍ أو سوريالية، وبالنهاية يأتي إلى مستقرّه في العَبَث. لا تتقدّم حركةُ الشكلِ إلى اللاشكل، بالرغمِ من الاستثناءاتِ الواسعةِ غير القابلةِ للجدلِ عبر التاريخ، لا بالدراما فقط، بل قد نلاحظها بالفنّ الغربيّ إجمالاً.  
ومن العدلِ أن نقولَ إن أطوارها الثلاثةَ الرئيسةَ في ذلك التطوّر محدّدةٌ ببزوغِ النزعاتِ السلوكية(94) والرومانتيكية والحداثية. فلم تكن النزعةُ السلوكيةُ تمثّل حلاً لطابعِ عصرِ النهضةِ. كانت، وكما يقترح ويلي سيفر(95) في "المراحلِ الأربع لطابعِ عصرِ النهضة"، علامةَ إجهادٍ وحيرة. في الفنّ السلوكيّ "ينشعبُ التأثيرُ النفسيّ عن المنطقِ البنيويّ"، وها هو تعريفُ سيفر بما نقصدهُ عن شكلهِ المفتوح:    

خلفَ التقنيةِ الإبداعيةِ لطابعِ "السلوكية"، هناك عادةً القلقُ الشخصيّ، وهو علمُ نفسٍ معقّد يتناظرُ شكلاً وعبارة. وبفحصِ التردّداتِ في البنية السلوكية في الرسمِ والعمارةِ والشِعر، نعي حتماً الكارثةَ ـ أو الوَعَث(96) ـ عبر الحساسيةِ السلوكيّة. فالسلوكيّةُ هي خبرةُ تقنياتِ التفاوتِ والتوازنِ المتوتّر؛ في التعرّجاتِ حركةُ تردّدٍ لولبيةٌ، في فراغٍ كدوّامةٍ أو زقاق، في متّجهٍ أو نقاطِ رؤيةٍ متحوّلةٍ ومناظيرَ غريبة ـ أو حتى غير مألوفة ـ تستسلمُ لمقارباتٍ فضلاً عن يقينياتٍ.  

أليس هذا وبدقّة هو الإحساسُ الذي يتملّكنا إزاءَ مسرحِ شكسبيرَ الأخيرِ، الدراما الجيمسية(97)، الشِعر الميتافيزيقيّ، كما بلوحات تيتيان(98)، تنتوريتو(99)، إلجريكو(100)؟
لقد ذهبت الرومانتيكيات إلى بعيدٍ نحو أشكالٍ أدبية غيرِ مستقرّة، متلازمة كما كانت مع مقطوعةِ ستيمانج(101) المبهمة، بأقصى رغبةٍ للمطلق. كما يقفُ فاوست على عتبةِ المرحلةِ الدانية، بمزيجٍ من الوثنيةِ والتأثّراتِ المسيحية، والتي تحوّلت، في كلٍّ من البنية والجذر، إلى ذريعةٍ لتناقضاتِ حياةٍ وحشية ـاستطاعت عبقريةُ جوته المبهرةُ الحفاظَ على هذه الدراما بتحكّم فنيّ. وقد تهدّدت شراكةُ الأبطالِ الرومانتيكيين الغامضةُـ  فاوست، إندميون(102)، ألاستر(103)، دون خوان(104)، جوليان سوريل(105)، مانفريد(106)، آكسل(107) ـ تهدّدت ولا تزالُ كي تندلعَ في قالبٍ يحتويها، في عصيانٍ مسلّح ضدّ صائغيها. وانطلقَت الذات في الأدبِ، كذا الحلمُ واللاوعي. نوفاليس(108) ونرفال(109)، هوفمان وبو(110)، كليست(111) وبوشنر، كولريدج(112) وكيتس(113)، قد حملوا اللغةَ إلى نطاقِ نصفِ ليلِ الروح، زرعَ أولئك التهكّمَ الرومانتيكيّ المفضوحَ ليدمجوا بكلّ جملةٍ نفيَها. وبأزمنةٍ أخرى، تنكّرت الرومانتيكية لإمكاناتِ الانسجامِ أو الحلولِ بالانحراف عن روحِها. واكتُشِفت الساديّة، عبادةُ الشيطان، القَبّالة(114)، مضاجعةُ الجثث، الإغواء، الاستذءاب، وصولاً إلى تعريفٍ للإنسان حيث لا يوجَد تعريفٌ للإنسان. لا عجبَ إذن إن اعتقدَ جوته أن الرومانتيكيةَ شكلٌ مَرَضيّ، وعرّفها هوجو بأنها الخيالُ البشع. أعي، بالطبع، أني أؤكّد نبضةَ الحركةِ الليلية. ولو تحرّينا الدقّةَ، فقد اشتَقّ جزءٌ كبير من الأدبِ الحديثِ طاقتَه من تلكَ النبضةِ. وساعدَت تلكَ النبضةُ، أو نزعةُ الموتِ لو شئت، في تدميرِ أشكالِ الأدبِ الكلاسيكية. يقولُ ماريو براتس(115) في "اللوعة الرومانتيكية": "جاءَ أساسُ الرومانتيكية ليصبحَ فيما لا يمكنُ الاتّصافُ به... يصفّي الرومانتيكيّ الفنانَ الذي لا يمنحُ شكلاً للمادّةِ في أحلامه ـ الشاعرُ منجذبٌ وَجداً أمام صفحةٍ بيضاءَ نحو الأبد، ينصتُ الموسيقارُ إلى حفلاتِ موسيقى مذهلةٍ في روحهِ دون أن يحاولَ ترجمتها إلى نوتات. ومن الرومانتيكية نفكّر في تعبيرٍ ملموسٍ كالانحطاط والتلوّث". إنها، هنا، بدايةُ الصمتِ، أدبٌ دون كلماتٍ ـ أو لكي ندقّقَ أكثر، أدبٌ يأنفُ من كلّ شيءٍ لكنه الاستعمالُ الأشدّ بدائيةً وسِحراً للّغة. وتمثّل الرمزياتُ الفرنسيةُ، وهي السلفُ المباشر للحركةِ الحداثية، هذه النزعةَ بوضوح. ابتكَرَت سونيتات مالارميه بناءَ الجملةِ لنفي الذات؛ ومازجت إشراقاتُ رامبو دلالةَ اللّغة في مجهودٍ يفسدُ الحواسّ؛ وفتحَ "مالدورور" لوتريامون(116) الطريقَ إلى السوريالية. وقد أعاد ديونيزوس، كما يدّعي نورمان أُو. براون، في أواخر الرومانتيكية، إدخالَ الوعي في الأدبِ. ويتأكّد تماماً أن في الرومانتيكية ملاذاً مزدوجاً للّغة يتوضّحُ: بدايةً، في السلوكِ المتهكّم والنافي للذاتِ عند مالارميه، وثانيةً، في السلوكِ السورياليّ وغير الشرعيّ لـ رامبو. تتوقُ اللغةُ، في واحدةٍ، إلى لا شيء، بينما تتوقُ في الأخرى، إلى كلّ شيء. تباديلُ العلاقةِ في الأولِ هو العددُ، وتباديلُ العلاقةِ في الثاني هو الحدَث. سابقاً، كان الأدبُ يتحرّك، كما لاحظ بلانشو قائلاً، نحو تخفّيه. وربما كانَ هذا هو أسلوبُ مالارميه، كافكا، وبيكيت. أما مؤخّراً، فيتحرّك أسلوبُ الأدبِ، كما يظنّ جاستون باشلار(117)، نحو إعادةِ تكاملهِ الخاطئ للذاتِ في "حُمّى الحياة". وهذا هو أسلوبُ رامبو، لوتريامون، وفي أزمنةِ لورنس، وأزمنةِ ميللر. يقعُ الأسلوبان على مصدرَيْهما في نوعٍ من الفزع. (كلاهما متضمّن في باكورة الطليعيين، دو ساد، وقد أيقنَ أن الانتهاكَ والابتهالَ يقعان قربَ مركزِ الأدب). ويؤدّي كلا الأسلوبين نهايةً للصمتِ، تمزيقاً لكافّة الروابط ما بين اللغةِ والواقعِ.  
ومع الحداثةِ، نُظِّمَت مناطقُ الفوضى، كما رصدَها ييتس بإحدى نوباتهِ الرؤيوية:

المركزُ لا يتحرك
فوضى مفكَّكةٌ على العالمِ، بل
هو مَدٌّ من دمِ عتمةٍ تنحلّ...   

ليسَ لنا أن نبلِّغ في فقراتٍ محدّدة عن مدى الانحلالِ واستعادةِ التكاملِ في أعمال القرنِ الرئيسة لدينا. فقد ظنّ جويس، وكان وحيداً بين قلائل آمنوا باللّغة، أن الكلماتِ التي تتشكّلُ لأجلِ العالم، قد انتَهت في "سَهرة فنيجانز(118)" بتوريةٍ سيكلوبية(119). وأسّس كافكا بهدوءٍ لاحتميةً مرعبةً فحواها أن الأدبَ قادرٌ على إيضاحِ أن الحبّ والفزع قد يمنعان اللغة في النهايةِ من بيانِ طاقاتها. ومع مارينتي(120)، تميلُ المستقبلية(121) نحو طرفٍ آخر، مع مِعولٍ وفأسٍ، ويصبحُ الأدبُ هو النهبُ المتخيَّل للمدن. تظاهرَ مارينتي بالوقوفِ على نتوءِ جسدِ القرون، يخاطبُ منه الهواءَ. وكانت الدادائية والسوريالية مفروضَتين من قبلُ، طردَت هاتان النزعتان ولاءاتِ الحياةِ والفنّ إجمالاً، ولا يزالُ بمقدورهما إثباتُ التحدّي لكلّ كاتبٍ من عصرنا يقابلهما؛ فقد تحدّثتا بهَمَجيّة عن اللالغة، أما نحنُ فنتحدّثُ اعتيادياً، بينما كانا يتحدّثان لأجلِ حياةٍ وتكاثر. فبدا الكتّاب الذين بدأوا النشرَ عموماً ما بينَ الحربين العالميتين، أقلّ طموحاً. حتى جاء ر. و. ب. لويس(122) مميزاً بينَ جيل مالرو(123)، سيلين(124)، كامي، وجراهام جرين(125)، وأجيالٍ خلَت كانت تُعنَى بخبرةٍ جماليةٍ أسمَى، لنقُل، كما في "القدّيس الشريد(126)"، بالنسبةِ للكتّابِ الشبّان "تهتمّ الخبرةُ الرئيسةُ باكتشافِ ما يعنيه أن تكونَ كاتباً ومتّقداً"، ويستنتجُ لويس: "ينساقُ النقد، بفحصهِ هذا العالم، إلى أقصى اعتباراتٍ بشرية متطرّفةٍ للحياة والموت، وطامحاً، إلى طبيعةِ البشرِ الآثمة". أدبُ عصرنا، الذي شخّصَه بشكلٍ صحيح فرانك كيرمود(127)، هو الأدبُ "المنشقُّ" عن أنواعٍ خلَت من آدابِ الحداثيين، لذلك يستمرّ تمزيقُ أوصالِ أورفيوس بحماسةٍ. يسعى الأدبُ نحو اللاأدب، ليؤدّي إعاداتِ استكشافٍ لأشكالٍ تبدو عابثةً قُدُماً وتمزيقية: روايةُ تشرّد، محاكاةٌ سوداء، مِخيالٌ بشع، همجيةٌ، مخيالٌ علميٌّ كابوسيّ. وفي النهايةِ، تختلطُ لاأشكال الانتهاكِ والرؤيويةِ في الصمتِ.  


6
لا يثبتُ التاريخُ عودةَ الطمأنينةِ عامةً. ففي 1938 نشر أنتونان آرتو كتاباً "المسرحُ وقرينه" وقد تُرجِم مؤخّراً، قالَ فيه: "افرض أنه لا يزالُ هنالك أحدٌ شيطانيٌّ، وملعونٌ بحقّ من صِغرنا، هو عبثنا الفنيّ مع الأشكالِ، بدلاً من أن نصيرَ ضحايا تحترقُ على الخازوقِ، وهي تومئُ خلالَ اللّهب". لم يتمزّق أورفيوس فقط، بل توهّجَت أطرافهُ. يجلبنا التاريخ إلى عتبةِ لحظتنا ثم يغادرنا بأسئلتهِ اللاذعة. لماذا يتوجّب السخطُ على حضارتنا التي تقودُ الأدبَ إلى هذه القياساتِ المتطرّفةِ التي تتكلّف صمتاً حاراً؟ 
مع أن كثرةً سوداءَ من تصنيفاتنا تشاهدُ قلّةً مصنّفةً، إلا أننا قد نجيبُ على السؤالِ بشكلٍ غيرِ مباشر. لا يزالُ الدليلُ في أسطورةِ أورفيوس، من الصراعِ الخالدِ بين أبوللو وديونيزوس. ولقد تعرّضَ فرويد(128) لتبصّراتٍ فعّالة تخصّ الموضوعَ. يعرض في "سُخط الحضارة" أن المجتمعَ يرتاحُ بقمعِ الغريزة. وهو ما نتشكّكُ فيه دائماً. فما لا ندركه دائماً هو أن كلّ فعلِ تخلٍّ في حياتنا يجهّزُ لطريقِ تخلياتٍ أبعد. وقد لا تنتهي المسألةُ هناك. ويواصلُ فرويد الجدلَ بأن الحضارةَ، ضِمن حركيتها الأعمقِ، تتطلّبُ قمعاً أقسَى وأشدّ. الإغواءُ النفسيّ لهذه العمليةِ مركّبٌ وتوريطاتها للأدبِ عصيبة. وفي كتابٍ هام وبمثابةِ صدمةٍ "الحياةُ ضدّ الموت"، يبدأ نورمان أُو. براون حيثُ انتهى فرويد. يجادلُ أن التهذيبَ يستلزمُ درجةً من إنكارِ حياةِ الغرائز، كما يستنتجُ براون: "تتّضحُ لحظةُ النفي في التهذيبِ، في الرابطةِ التي تفاضلُ بين الرمزيةِ (في اللغة والعلم والدين والفنّ) والتجريد. فالتجريدُ، كما علّمنا هوايتهد(129)، هو إنكارُ العضو الحيّ للخبرةِ، الجسدِ الحيّ إجمالاً...". والمنطقُ عندئذٍ ـ ولا أدري إن كان ذلك تصلّباً مع ما يوضّحه كلٌّ من براون وفرويد ـ أن القمعَ يولّدُ الحضارةَ، والحضارةُ تولّد قمعاً يولّد قمعاً أشدّ، والقمعُ الأشدّ يولّد تجريداً، والتجريدُ يولّد الموتَ. إننا نتحرّكُ على طريقِ ذكاءٍ خالص، كما اعتقدَ فرينزي(130)، هو مبدأ الجنون. وهل ثمة خلاصٌ للسلالة؟ يعرض لنا براون:

"على الذاتِ البشرية أن تواجهَ حقيقةً ديونيزية، وينتظرنا عملٌ كبيرٌ مِحوره تحوّلٌ ذاتيّ. فقد كان نيتشه محقّاً حين قالَ إن أبوللو يصونُ، ديونيزوس يدمّرُ، الوعي الذاتيّ. وبينما بنيةُ الذاِت أبولّونية، والخبرةُ ديونيزية، فيمكن شراؤها بسِعرِ التصفيةِ للذاتِ. ولا يمكنُ حلّ المسألةِ (بتوليفٍ) من الذات الأبولّونية والديونيزية. هكذا نرى أن نيتشه الراحلَ قد بشّرَ بديونيزوس... انشغلَ بإنشاءِ ذاتٍ ديونيزية هائلة، وقتَ أن تبدّت علاماتٌ تحتَ الإنشاء. لو ميّزنا شَراب عِرافةِ ديونيزوس في فوراتِ التاريخِ الحديثِ ـ جنسانيةُ دو ساد ودهاءاتُ هتلر ـ لأدركنا ردّ الفعلِ الرومانتيكيّ لدخولِ ديونيزوس في الوعي". 

أما إشكاليةُ الفرويديين الجُدد، فكانت القمعَ والتجريدَ، وهي ما وَجدَت لها حلاً في بناء ذاتٍ ديونيزية. وأصبحَت رؤيتهم للّغة جوهرياً أنها "الكلامُ الطبيعيّ للجسدِ"، عبارةٌ قمتُ بتعديلها عن ريلكه(131).  
لكن الحقّ أن إيرادَ براون لـ نيتشه(132) وثيقُ الصلةِ أيضاً، لأن نيتشه في الواقعِ هو قَوامٌ نقيضٌ لتاريخِ عصرنا الفكريّ. طليعيٌّ لكلٍّ من الفرويديين والوجوديين، وهو وسيطُ الحركتَين الحيّ. يقدّم تحليلهُ لحضارةِ الغربِ جدلاً موازياً لجدل فرويد، أحدُ من خضعوا أكثرَ لـ نيتشه. إن جذرَ الشرّ في العالم الحديثِ ليسَ القمعَ فقط، وهو غريزيّ تماماً، بل العدميّة، والتي تُسلِم قِيادَ الوعي البشريّ إلى معنىً. لقد أعلنَ من أعماقِ القرنِ التاسعِ عشر موتَ الربّ، ورأى أن أزمةَ الإنسانِ الحديث ما هي إلا أزمةُ قيمٍ. يتساءلُ نيتشه في "إرادة القوّة": "لماذا أصبحَ حلولُ العدميةِ ضرورةً؟"، ثم يردّ: "لأن العدميةَ تتمثّل في نتيجةٍ منطقيةٍ مطلقةٍ لقيمنا وأفكارنا العظيمة ـ وعلينا أن نختبرَ العدميةَ قبلَ اكتشافِ ماهيّة "القيم" التي تتملّكها حقيقةً. سنطلبُ، ذاتَ حينٍ، قِيماً مستجَدّة". إشكاليتهُ أساساً، كما للوجوديين المعاصرين، وضوحُ المعنى. (بخلافِ معظمهم، عموماً، فقد كان نيتشه "مثالياً"، واستراح إلى حلّ رفاهيةِ الحياةِ لدى الإنسانِ الأعلى) وبرؤيةِ نيتشه هذه، صارَ مثالُ اللغةِ هو الحدَث، الإيماءُ، لأن اختراعَ المعنى عمليةٌ حيويةٌ أكثرَ منها لفظيةً. كذلك يشرحُ مسيحيٌّ من قبيلِ نيقولاي برديائيف(133) هذا التساؤلَ مُخالفاً: "رؤيويةُ التاريخِ الداخليةُ هي إلهامُ النتائجِ غيرَ مدرجَةٍ بتاريخِ مملكةِ الربّ، والمثالُ هو المعنى". لكن التساؤلَ الذي نستكشفهُ لا يزال بذي معنىً.  
إن العِلمانيةَ، المللَ، الذنبَ، والعدميةَ، أعراضٌ فحسب لغيابٍ أعمقَ للمعنى. قد يخسرُ الإنسانُ مكانَه الداخليّ، كما يقولُ هربرت ماركيوز(134) في "الإنسان ذو البعد الواحد"، وينسحقُ عالمهُ الفريد. لا عجبَ، إذن، أن اللّغةَ التي هي تقليدياً مستودعُ الإنسانِ المتّسع بمعنىً عام كما هو خاصّ، تنضمّ في التصفيةِ. فهي لا تقدّمُ أنبياءَ أو مثاليين لعصرنا لافتداءِ الكلمة. وبالحَطّ من دور التهذيبِ مستقبلاً، تحطّ من دورِ اللّغة. فلن يأتي ديونيزوس البشريّ أو الإنسانُ الأعلى على هيئةِ مِهذار. تصبحُ الثورةُ الحديثةُ ضدّ الخطابِ الشفهيّ مرئيةً، من تحتها ثورةٌ ضدّ السلطةِ والتجريد: تصبحُ الحضارةُ التي مَوّلها أبوللو استبداديةً، أما الأدواتُ التي كفلَها الإنسانُ ليحيا بها فتتغَذّى بالتجريداتِ. لأن المعنى في النهايةِ منغرسٌ في اللحم ـ وهي توكيداتٌ قد ننظرُ إليها كشهاداتِ جسدٍ ـ فيتلازمُ انعدامُ المعنى والتجريدُ. تنعكسُ الثورةُ، بتهكّمٍ، ضدّ اللغةِ في الأدبِ، بل تُحاكي، أيضاً، تجديدَ الكلمةِ في التكنوقراط(135). ويفتقدُ جورج شتينر هذه النقطةَ في مقالتهِ المُهمةِ بخلافِ "تجديد الكلمة"، حيثُ جاء فيها: 

حتى القرن السابع عشر، كانَ عالَمُ اللغة يشكّلُ تقريباً كلاً من التجربةِ والواقع؛ أما اليوم فيشكّلُ ميداناً أضيق. لم يعد يَبِينُ، أو يتعلّق، بأشكال الحدَثِ الرئيسة، بالفكرةِ، والحساسيةِ. تنتمي مناطقُ شاسعةٌ من المعنى وتطبيقهِ الآنَ إلى لغاتٍ غيرِ شفهيةٍ كالرياضياتِ، المنطقِ الرمزيّ، ورمزياتِ العلاقاتِ الإلكترونية أو الكيميائية. وتختصّ مناطقُ أخرى بما هو تحتَ اللغاتِ أو ضدّ اللغاتِ نحو فنٍّ غيرِ موضوعيّ وحساسيةٍ موسيقية. يتقلّصُ عالَمُ الكلماتِ. 

من اليسيرِ أن نردّ عِلّتنا كلّها إلى موتِ الربّ أو التقنيةِ. لقد اشتغلَ جيلٌ أصغرُ من اللاهوتيين، ضِمنهم آلتوسير(136) وهاملتون(137) وفان بورين(138)، على موتِ الربّ كحالةِ تحدٍّ لشهاداتٍ ثقافية وروحية. كما وضعَ أنبياءُ للتقنيةِ، أمثالَ مارشال ماكلوهان(139) وبوكمنستر فوللر(140)، في محكّ النظر، احتمالاتٍ مذهلةً في "قرية العالم" والتي أصبح كوكبنا بها تحت تأثيرِ العِلم الجديدِ والإلكترونياتِ. مع ذلك، يدرك ماكلوهان أننا نواجهُ أخطاراً مفزِعة في الانتقالِ من ثقافةٍ مرئية بكلمةٍ مطبوعة إلى ثقافةٍ "جامعة" بتقنيةٍ إلكترونية؛ وقد نرتدّ إلى ثقافةٍ قبليّةٍ شفهية. وشبيهٌ بهذا ما يقولهُ في "مَجرّة جوتنبرج(141)": "الفزعُ حالةٌ اعتيادية لأيّ مجتمعٍ شفهيّ، كلّ شيءٍ فيه يتأثّر بكلّ شيء طيلةَ الوقت"، وفي غضونِ ذلك "تدورُ فجأةً أقصى مشاعرنا المألوفة والعرفية نحو تماثيلَ مشوّهةِ الأوجهِ وخيالٍ بشع. تبدو المنشآتُ والجمعياتُ المعهودة أحياناً مهدِّدةً وخبيثة". ومهما كانت الأسباب، أو ما تتّخذه من أشكالٍ، فالصمتُ ينبعثُ كنزعةٍ أدبية، وهي حقيقةُ عصرنا.  

الهوامش:
(01) يقصد بالانتهاك: التركيز على معامل الشرّ في الكلمات، وإشباع الرغبات على المدى القصير، والحدّ من القدرة على كسب الناس على مدى طويل، وجلب العالم في صفّنا. (م)           
(02) يقصد بالرؤيوية: التملّص من المقدّس والدينيّ، والنزوع إلى تدمير العالم، والهزء بنهاية التاريخ أو العالم، مع الاحتفاء بالعنصر المِخياليّ في الأدب. (م)          
(03) يقصد بالبابليّ: تعدّد اللغات واختلاط المفاهيم مثل: الحرية، الديمقراطية، السياسة، الثورة، حتى الوجود، بشكل أقرب إلى الفوضى منه إلى النظام. (م) 
(04) Henry Miller: روائيّ وفنان أمريكيّ (1891/ 1980)، يُشتهر بتحطيم الأشكال الأدبية، وأدبه على نمط السيرة، الانتهاك والجنس والصوفية من أهم ملامح كتاباته، من كتبه: مدار الجدي، مدار السرطان، ربيع أسود، ثلاثية الصَلب الورديّ.  (م)          
(05) Samuel Becket: شاعر وروائيّ ومسرحيّ أيرلنديّ (1906/ 1989)، كتاباته طليعية، تتميز بالحداثة، كما يعدّ من بواكير كتّاب ما بعد الحداثة، أحد أهم من كتب مسرح العبث، من شعره (ما الكلمة؟، قصائد مجمّعة)، من رواياته (مورفي، وات، مولوي)، من مسرحه (مسرح من غير كلام، نهاية اللعبة، في انتظار جودو). (م)          
(06) Lawrence Darrell: روائيّ وشاعر ومسرحيّ ورحّالة إنجليزيّ (1912/ 1990)، من رواياته (رباعية الإسكندرية، تمرّد أفروديت، ربيع مرعب)، من شعره (10 قصائد، مدن وأودية وبشر، أشعار لورنس داريل)، من رحلاته (ليمون لاذع، عطش أزرق، شبح قيصر الضخم). (م)           
(07) Ahab: قبطان رواية "موبي ديك" (للأمريكيّ هيرمان ملفيل)، يأكل الحوت ساقه، فيظلّ يطارده للانتقام. (م)          
(08)Ivan Karamazov : بطل "الإخوة كرامازوف"، للكاتب الروسيّ دوستويفسكي، وهي آخر رواياته: كان ذكياً لكنه مشوّش الحسّ، قال "لستُ ممن لا يقبل الربّ، لكني أودّ لو أُعيد له تذكرته في توقير". (م)          
(09) Albert Camus: روائيّ ومسرحيّ فرنسيّ، بأصل جزائريّ (1913/ 1960)، تمثّل آراؤه روح التمرّد والعدم، ينادى بالحرية الفكرية والجسدية، يُعدّ وجودياً، مع أنه كان يُنكر ذلك، ونال جائزة نوبل في الآداب 1957، من رواياته (الغريب، الطاعون، السقطة، الموت السعيد)، من مسرحه (كاليجولا، سوء تفاهم، الممسوسون). (م)          
(10) Dachau: أول معسكر اعتقال نازيّ، في بافاريا، جنوبيّ ألمانيا؛
Hiroshima: أكبر مدن اليابان، ضُربت بأول قنبلة ذرية، 1945، نهاية الحرب العالمية الثانية. (م)          
(11) William Burroughs: روائيّ وفنان أمريكيّ (1914/ 1997)، من مؤسّسي beat generation، وهي حركة فنية متطرّفة ساخرة وما بعد حداثية، قال عنه نورمان ميللر (الأمريكيّ الوحيد الذي يمكن وصمه بالعبقرية)، من رواياته (غداء عارٍ، كتاب الموتى، الآلة الناعمة، التذكرة التي انفجرت). (م)          
(12) Frederick J. Hoffman: ناقد أمريكيّ، من كتبه: الفرودية والعقل الأدبيّ، لستُ بهالك (1964)، الرواية الحداثية في أمريكا، وليم فوكنر (عقدان من النقد)، منجز د. هـ. لورنس. (م)             
(13) James Baldwin: روائيّ وشاعر أمريكيّ أسود (1924/ 1987)، ساخر وناشط ضدّ التمييز العنصريّ والجنسيّ، من روايته (غرفة جيوفاني، النار المرة التالية، لا اسم بهذا الشارع، الشيطان يجد عملاً). (م)           
(14) D. H. Lawrence: روائيّ وشاعر ومسرحيّ وناقد وفنان إنجليزيّ (1885/ 1930)، من رواياته (عشيق الليدي تشاترلي، أبناء وعشاق، قوس قزح، نساء عاشقات). (م)           
(15) Andy Warhol: فنان أمريكيّ (1928/ 1987)، أهمّ فناني البوب، اهتمّ بكشف العلاقة الثقافية بين التعبير الفنيّ والميديا. عاش بوهيمياً. (م)           
(16) Zen: مدرسة صوفية بوذية، نشأت بالقرن السادس في الصين، ثم انتشرت إلى فيتنام وكوريا واليابان. (م)          
(17) Pata: فلسفة تُعنى بدراسة الميتافيزيقا، أسّسها الفرنسيّ ألفريد جاري، يقول "هي علم الحلول المتخيلة التي تنعت خصائص الأشياء". (م)          
(18) Camp: نمط فنيّ ظهر 1909، يعتمد المبالغة ونقيض الجمال، وشاع بين الشواذّ، لضرب فكرة الساميّ. (م)          
(19) Walt whitman: شاعر أمريكيّ (1819/ 1892)، رائد قصيدة النثر بأمريكا، لم يكتب غير ديوان واحد، في طبعات مختلفة ومزيدة، باسم "أوراق العشب"! (م)           
(20) Barry Alpert: ناقد أمريكيّ، أحد محرّري كتاب "الشعر الشفهيّ ما بعد الحداثيّ". (م)          
(21) Timothy Leary: كاتب وعالم نفس أمريكيّ. (م)          
(22) Allen Ginsberg: شاعر أمريكيّ (1926/ 1997)، عرّاب جماعة Beat Generation، يُشتهَر بدفاعه الحارّ ضدّ الرأسمالية والتمييز الاقتصاديّ والقهر الجنسيّ، من دواوينه (عواء، قادش، سندويتشات الحقيقة، سقوط أمريكا، أمجاد الغبار الحزين، الموت والشهرة). (م)             
(23) Wilhelm Reich: عالم نفسيّ نمسويّ (1897/ 1957)، الجيل الثاني بعد فرويد، من المتظرفين في تاريخ علم النفس، أشهر كتبه (النفسية الجمعية للفاشية، مقتل المسيح، التواصل مع الفضاء). (م)          
(24) Norman Mailer: روائيّ ومسرحيّ أمريكيّ (1923/ 2007)، من رواياته (العراة والموتى، حديقة الغزلان، حلم أمريكيّ). (م)           
(25) Norman O. Brown: ناقد وفيلسوف اجتماعيّ أمريكيّ (1913/ 2002)، ومن كتبه (الحياة ضدّ الموت، جسد الحبّ). (م)           
(26) shamanistic: على نمط أديان شمال أوربا وآسيا البدائية، كانوا يؤمنون بعالم محجوب، من آلهة وشياطين وأرواح وأسلاف؛ وهي عموماً ممارسة روحانية تسعى للاتصال مع الأرواح. (م)          
(27) Leslie Fiedler: ناقد أدبيّ أمريكيّ (1917/ 2003)، يهتمّ بتاريخ الأساطير والأنواع الأدبية، ويعدّ من بواكير نقّاد ما بعد الحداثة، أهمّ كتبه (الحبّ والموت في الرواية الأمريكية، 1960). (م)           
(28) Jean Paul Sartre: فيلسوف وروائيّ ومسرحيّ وناقد فرنسيّ (1905/ 1980)، من كتبه (الخيال: نقد نفسيّ، الوجود والعدم، الحقيقة والوجود)، من إبداعاته (الذباب، لا مخرج، المومس الفاضلة، سجناء التونة، الكلمات: سيرة). (م)           
(29) Jackson Pollock: فنان أمريكيّ (1912/ 1956)، تأثيريّ، تعبيريّ تجريديّ، من المدرسة التنقيطية. (م)           
(30) Ludwig Wittgenstein: فيلسوف نمسويّ/ إنجليزيّ (1889/ 1951)، وكان يعمل على المنطق وفلسفة الرياضيات وفلسفة اللغة وفلسفة العقل. (م)            
(31) Hugh Kenner: ناقد أدبيّ كنديّ (1923/ 2003)، يعمل على نقد آداب الحداثة. (م)           
(32) Molloy: رواية بيكيت، فيها فِقرتان، الأولى صفحتان، الثانية 80 صفحة، عن شخصيتين: مولوي وأمه. (م)           
(33) George Steiner: ناقد أدبيّ وروائيّ أمريكيّ من أصل فرنسيّ (ولد 1929)، أستاذ أدب مقارن، يهوديّ ويرفض الجنسية الإسرائيلية، من كتبه (موت التراجيديا، بعد بابل). (م)            
(34) Marquis de Sade: فيلسوف وروائيّ ومسرحيّ فرنسيّ (1740/ 1814)، تضمّ أعماله نظرة حسّية ضارية تنحو إلى الانتهاك والرؤيوية، من رواياته (جوستين، جولييت، جرائم الحبّ، 120 يوماً في سودوم). (م)           
(35) Stockhausen: موسيقار ألمانيّ (1928/ 2007)، يُشتهَر بالموسيقى الإلكترونية. (م)            
(36) Duchamp: فنان ونحّات أمريكيّ فرنسيّ (1887/ 1968)، دادئيّ وسورياليّ تكعيبيّ وفنان مفاهيميّ. (م)           
(37) Rauschenberg: فنان أمريكيّ (1925/ 2008)، فنان بوب، تعبيريّ تجريديّ، ينتمي للدادائية الجديدة. (م)           
(38) Schwitters: فنان ألمانيّ (1887/ 1948)، دادائيّ بنيويّ سورياليّ. (م)           
(39) Apollinaire: شاعر وروائيّ ومسرحيّ وناقد فرنسيّ بولنديّ (1880/ 1918)، من روّاد السوريالية. (م)           
(40) Concrete Poetry: الشعر الذي يتّخذ أشكالاً بصرية في الصفحة للتأثير على عيني القارئ. (م)           
(41) Truman Capote: روائيّ ومسرحيّ أمريكيّ (1924/ 1984)، من رواياته (هارْب العشب، بدم بارد، إفطار في تيفاني، أصوات أخرى حجرات أخرى، ميريام). (م)            
(42) Edmund Husserl: فيلسوف لغة ألمانيّ (1859/ 1938)، من كتبه (فلسفة الرياضيات، عن ظاهراتية الوعي في الزمن الداخليّ، التجربة والحكم، تحقيقات منطقية). (م)           
(43) Heidegger: فيلسوف ألمانيّ (1889/ 1976)، معنيّ بالظواهر الوجودية واللغوية وفكرة الزمن، من كتبه (الكينونة والزمن، مقدمة إلى الميتافيزيقا، مساهمات فلسفية، أصل العمل الفنيّ). (م)            
(44) Nausee: رواية سارتر (الغثيان)، التي أشادت بها لجنة نوبل 1964، تحكي عن روكنتين العائد من رحلة، فيُصاب بحالة من الغثيان تجاه كلّ شيء، شركته ويديه وجمال الطبيعة، يكره نفسه ثم يوشك على الانتحار، وتعبّر عن أزمة الوجود لدى الإنسان المعاصر. (م)            
(45) Alain Robbe Grillet: روائيّ وسينمائيّ فرنسيّ (1922/ 2008)، أسس جماعة "الرواية الجديدة"، التي تعتمد على تيار الوعي وهامشية البطل، من رواياته (الممحاوات، الرحلة، الغيرة، في المتاهة). (م)           
(46) Sarraute: روائية فرنسية (1900/ 1999)، يهودية من أصل روسيّ، من جماعة "الرواية الجديدة"، من رواياتها (ممثّل للمجموعة الشمسية، الثمار الذهبية، مفتتح، بين الحياة والموت). (م)           
(47) Butor: روائيّ فرنسيّ (مواليد 1926)، من جماعة "الرواية الجديدة"، تبدو البنية متجانسة في أعماله، وقد مدحها رولان بارت، رواياته (الزمان العابر، الطريق إلى ميلانو، تحوير، درجات). (م)           
(48) Cretan: نسبة إلى جزيرة كريت في اليونان، يُضرب بها المثل في التهكّم. (م)           
(49) Tinguely: فنان ونحّات سويسريّ (1925/ 1991)، من فناني الدادائية، ومنحوتاته قطع من الآلات. (م)           
(50) Kafka: روائيّ تشيكيّ (1883/ 1924)، يكتب بالألمانية، يهوديّ، محاور كتابته: الغربة، التوحّش النفسيّ، متاهة البيروقراطية، التحوّل الصوفيّ. من رواياته (القصر، المسخ، المحاكمة، أمريكا، فنان جوع). (م)           
(51) Thomas Mann: روائيّ ألمانيّ (1875/ 1955)، نوبل الآداب 1929، يستخدم الملحمة والرمز، واستفاد من جوته وشوبنهور ونيتشه. من رواياته (بودنبروك، تونيو كروجر، الموت في فينيسيا، الخاطئ الأبديّ). (م)           
(52) Erich Heller: ناقد أدبيّ إنجليزيّ (1911/ 1990)، يهتمّ بفلسفة اللغة والأدب في القرنين 19/ 20. (م)           
(53) Faustus: التاريخ التراجيديّ لحياة وموت د. فاوست، مسرحية جوته، عمن يبيع نفسه للشيطان. (م)           
(54) Felix Krull: اعترافات فليكس كرول (1954)، رواية توماس مان التي لم يكملها، عن حياة جوته. (م)           
(55) Martin Heidegger: فيلسوف ألمانيّ (1889/ 1976)، ظاهراتيّ وجوديّ، الأشياء في التجربة الحية أكبر مما نراها، فطبيعة الكائن منسحبة، وحضور الأشياء غير كينونتها، لكن تتوافق مع نظام المعنى والهدف، من كتبه (الكينونة والزمن، مدخل إلى الميتافيزيقا، مبدأ العقل، الهوية والاختلاف، في الطريق إلى اللغة). (م)           
(56) Maurice Blanchot: فيلسوف ومنظّر أدبيّ فرنسيّ (1907/ 2003)، أثر كثيراً على دريدا، من كتبه (حكم الإعدام، جنون النهار، لحظة موتي، صوت من مكان آخر). (م)           
(57) Archimedean: نسبة إلى أرخميديس، عالم الحساب والفلك والفيزياء والمخترع اليونانيّ القديم. (م)           
(58) John Cage: موسيقار أمريكيّ (1912/ 1992)، أحد الطليعيين في تطوير الرقص الحديث. (م)           
(59) Erik Satie: موسيقار فرنسيّ (1866/ 1925)، طليعيّ اهتمّ بمسرح العبث والإيقاعات المتكررة. (م)           
(60) Kerouac: روائيّ وشاعر أمريكيّ (1922/ 1969)، من جماعة Beat Generation، اهتمّ بالمخدرات، الجاز، السفر، روحانية الزن. من رواياته (على الطريق، بلدة ومدينة، المسافر المتوحّد، ملائكة الخراب). (م)           
(61) J. D. Salinger: روائيّ أمريكيّ (1919/ 2010)، يهوديّ عاش في عزلة، من رواياته (صياد في الراي، الضاحك، فمي جميل وعيناي خضراوان، تيدي، فراني وزوي). (م)           
(62) Tao: سبيل الفضيلة في الديانة الكونفوشية. (م)          
(63) Milarepa: شاعر بوذيّ، عني بإماتة نوازع الشرّ في الإنسان. (م)           
(64) Raymond Queneau: روائيّ وشاعر فرنسيّ (1903/ 1976)، عني بالفكاهة الساخرة، من رواياته (أولاد الطين، شتاء عصيب، يوم أحد الحياة، الأزهار الزرقاء). (م)            
(65) Marc Saporta: روائيّ وناقد فرنسيّ (1923/ 2009)، يهوديّ، تجريبيّ، من رواياته (نهاية الأمل، تحرٍّ، تكوين رقم 1، الضيوف). (م)           
(66) Brion Gysin: شاعر وفنان إنجليزيّ/ كنديّ (1916/ 1986)، من جماعة Beat Generation. (م)           
(67) Tristan Tzara: شاعر وفنان رومانيّ/ فرنسيّ (1896/ 1963)، رمزيّ دادائيّ سورياليّ طليعيّ. (م)           
(68) Neumann: فيزيائيّ ومخترع مجريّ/ أمريكيّ (1903/ 1957)، من كتبه (الأسس الحسابية للفيزياء الكمية، تبسيط نظرية المجموعات، مقدمة للأرقام اللانهائية). (م)           
(69) Rousseau: فيلسوف وموسيقار (1712/ 1778)، أثّر في الثورة الفرنسية، أشهر كتبه (الاعترافات). (م)           
(70) Roland Barthes: فيلسوف ولغويّ ومنظّر أدبيّ فرنسيّ (1915/ 1980)، ساهم في تطوير البنيوية وما بعد البنيوية والعلاماتية، من كتبه (الكتابة في درجة الصفر، أسطوريات، بارت بقلم بارت، شذرات من خطاب عاشق، لذة النصّ، إمبراطورية العلامات، النقد والحقيقة). (م)           
(71) Orphic: ينتسب إلى أورفيوس، وهو شاعر وعازف ومتنبئ في الأساطير اليونانية القديمة. (م)           
(72) Claude Mauriac: روائيّ فرنسيّ (1914/ 1996)، ابن الروائيّ فرانسوا مورياك، من رواياته (أين الحبّ، ابن أبي، زمان ثابت). (م)           
(73) Rimbaud: شاعر فرنسيّ (1854/ 1891)، أثّر في حركة شعر الحداثة، طائش متوتّر، توفي بالسرطان في 37، دواوينه (قصائد، إشراقات، فصل في الجحيم). (م)           
(74) Mallarme: شاعر وناقد فرنسيّ (1842/ 1898)، رمزيّ، أثّر في الدائية والسوريالية والمستقبلية. دواوينه (بعد ظهيرة الحياة، أشعار، تشتّت). (م)           
(75) Artaud: شاعر وفنان فرنسيّ (1896/ 1948)، عدميّ يؤمن أن النصّ مستبدّ فوق المعنى، لغته غريبة ما بين الفكر والتلميح، تجنح إلى العنف. (م)           
(76) Joyce: روائيّ وشاعر أيرلنديّ (1882/ 1941)، بقرة الحداثة المقدسة، من كتبه (صورة الفنان في شبابه، موسيقى الحجرة: قصائد، عوليس، سهرة فينيجانز، المنفيون: مسرحية). (م)           
(77) Maenads: النسوة الهائجات المشاركات في أعياد باخوس، إله الخمر والبهجة. (م)          
(78) Dionysos: ربّ الخصب والحصاد في الأسطورة اليونانية، يراه نيتشه الشكل الأقدم للتراجيديا اليونانية، وهو التجسيد المركزيّ لإرادة القوة عنده. (م)           
(79) Apollo: ربّ الشعر والموسيقى في الأساطير اليونانية. يشير أبوللو إلى الإبداع الفكريّ المنظّم، وديونيزوس إلى الإبداع الفنيّ الطائش، كما بيّن نيتشه. (م)           
(80) Thrace: تلال تاريخية، ما بين اليونان وبلغاريا وتركيا الآن. (م)          
(81)Robert Martin Adams : ناقد أدبيّ أمريكيّ (1915/ 1996)، من كتبه (بروتس: أكاذيبه والحقيقة، ستندال، السطح والرمز). (م)             
(82) Northrop Frye: ناقد ومنظّر أدبيّ كنديّ (1912/ 1991)، من كتبه (تشريح النقد، خرافات الهوية). (م)           
(83) Sophocles: المسرحيّ اليونانيّ القديم (406/ 497 ق.م)، من تراجيدياته (أوديب ملكاً، أوديب في كولونيا، نساء تراخيس، إلكترا). (م)            
(84) Euripides: المسرحيّ اليونانيّ (406/ 480 ق.م)، من تراجيدياته (ميديا، باخوس، هيكوبا، إلكترا، نساء طروادة، هيراقليطس، هيلين). (م)             
(85) Shakespeare: شاعر ومسرحيّ وممثّل إنجليزيّ (1564/ 1616)، يلعب على الكوميديا والتاريخ والعنف والرومانسية، من مسرحياته (هاملت، ماكبث، عطيل، دقة بدقة، الملك لير، كما تخوى، كوميديا الأخطاء). (م)           
(86) Goethe: شاعر وروائيّ ومسرحيّ ألمانيّ (1749/ 1832)، شعره ملحميّ غنائيّ، استفاد بالصوفية في مناحٍ من أدبه، يعتمد على لاسيرة والذكريات والشذرات العلمية والأدبية، من كتبه (آلام فارتر، د. فاوست، الديوان الشرقيّ للمؤلّف الغربيّ، مصاهرات اختيارية). (م)           
(87) Georg Buchner: شاعر ومسرحيّ ألمانيّ (1813/ 1837)، من كتبه (وفاة دانتون: دراما، ربيع: قصص، ليونس ولينا: كوميديا). (م)            
(88) Maeterlinck: شاعر ومسرحيّ بلجيكيّ (1862/ 1949)، نوبل 1910، من مسرحياته (الطائر الأزرق، الأميرة ميلاني، المتطفّل، الأعمى). (م)            
(89) Strindberg: شاعر وروائيّ ومسرحيّ سويديّ (1849/ 1912)، استعمل التقنيات التعبيرية والسوريالية، من رواياته (جحيم، ابن خادم، دفاعاً عن أحمق)، من مسرحياته (رقصة الموت، لعبة حلم، الآنسة جوليا، الأب، في الطريق إلى دمشق). (م)           
(90) Alfred Jarry: مسرحيّ رمزيّ فرنسيّ (1873/ 1907)، أسلوبه هجين، يعدّ طليعة الحداثيين والمستقبليين ومسرح العبث، من مسرحياته (أوبو ملكاً، أيام وليالٍ، الذكَر الأعلى). (م)           
(91) Pirandello: روائيّ وشاعر ومسرحيّ إيطاليّ (1867/ 1936)، نوبل 1934، من رواياته (الكبير والصغير، واحد لا أحد ومئة ألف، المرأة المستبعدة)، من مسرحه (ستّ شخصيات تبحث عن مؤلّف، كلّ في طريق، الرجل والحيوان والفضيلة). (م)            
(92) Jean Genet: روائيّ ومسرحيّ فرنسيّ (1910/ 1986)، ناشط سياسيّ، من رواياته (سيدة الأزهار، رحلة اللص)، ومن مسرحه (الشرفة، السود). (م)           
(93) Ionesco: روائيّ ومسرحيّ رومانيّ/ فرنسيّ (1909/ 1994)، طليعيّ من روّاد مسرح العبث، من مسرحه (الدرس، الكراسي، الزعيم، ضحايا الواجب، جاك أو المهمة، الصورة، سفّاح بلا ضمان، المستقبل في البيض). (م)           
(94) Mannerism: مذهب فنيّ أواخر القرن 16 بأوربا، يُعنى بالتنافر المكانيّ والمطّ المفرط لأشكال البشر. (م)          
(95) Wylie Sypher: ناقد أدبيّ أمريكيّ (1905/ 1987)، من كتبه (تاريخ الفنّ، الأدب والتقنية). (م)          
(96) quicksand: الوعث، رمل ليّن، تغيب فيه القدم. (م)          
(97) Jacobean Drama: نسبة إلى جيمس الأول، ملك إنجلترا. (م)          
(98) Titian: فنان إيطاليّ (1490/ 1576)، يتميز برسم الأساطير والموضوعات الدينية، يلوّن بكثافة. عند بلوغه التسعين، وبعد 100 لوحة، قال: (لقد بدأت أخيراً أتعلّم الفنّ). (م)            
(99) Tintoretto: فنان إيطاليّ (1518/ 1594)، يتميز بلمحات درامية وأشكال عضلية على النمط السلوكيّ. (م)            
(100) El Greco: فنان ونحّات إسبانيّ (1541/ 1614)، يتميز بالنمط السلوكيّ التعبيريّ الدراميّ. (م)           
(101) Stimmung: مقطوعة للموسيقار الألمانيّ كارلينز ستوكهاوزن (1928/ 2007). (م)           
(102) Endymion: هو راع أسطوريّ يونانيّ، أول من رأى تحوّرات القمر. وهي أيضاً، قصيدة للشاعر الإنجليزيّ الرومانسيّ جون كيتس، بدايتها (الجمال هو مرح للأبد). (م)           
(103) Alastor: تعني المنتقم، وتشير إلى ربّ الأرباب، زيوس، بالأساطير اليونانية، وبالمسيحية روح الشرّ. (م)           
(104) Don Juan: خرافة عن الماجن زئر النساء. وهي قصيدة ملحمية ساخرة، للشاعر الإنجليزيّ الرومانسيّ لورد بيرون، 16 ألف بيت. (م)            
(105) Julien Sorel: بطل (الأحمر والأسود)، وهي رواية نفسية تاريخية ساخرة، للروائيّ الفرنسيّ ستاندال. (م)            
(106) Manfred: وهي قصيدة درامية عن قوى فوق الطبيعة، للشاعر الإنجليزيّ الرومانسيّ لورد بيرون. (م)             
(107) Axel: بطل رواية (ضحكة في الظلام) للروائيّ الروسيّ فلاديمير نابوكوف، عاشق يهجر حبيبته. (م)           
(108) Novalis: شاعر وفيلسوف ألمانيّ رومانسيّ (1772/ 1801)، كتب 3 روايات ولم يتمّها. (م)           
(109) Nerval: شاعر فرنسيّ رومانسيّ (1808/ 1855)، أثّر بأحلامه على السورياليين. (م)           
(110) Edgar Alan Poe: شاعر وقاصّ وناقد أدبيّ أمريكيّ (1809/ 1849)، عرّاب لكثير من كتّاب الحداثة. (م)           
(111) Kleist: شاعر وروائيّ ألمانيّ (1777/ 1811)، ينحو إلى النزعة الرومانسية مع حسّ بالبراءة والتهكّم. (م)           
(112) Coleridge: شاعر وناقد إنجليزيّ (1772/ 1834)، أسّس الحركة الرومانسية، وقدّم المثالية الألمانية إلى الثقافة الإنجليزية، واحتفى بالنزعة المتسامية. (م)            
(113) Keats: شاعر رومانسيّ إنجليزيّ (1795/ 1821)، الجيل الثاني للرومانسية مع بيرون وشيلي، تميّز شعره بالصور الحسية، وعاش كالومضة (25 سنة)، فذاعت شهرته بعد موته. (م)            
(114) Cabalism: تأويل باطنيّ عند أحبار اليهود ومسيحيي العصر الوسيط، يفسّر الكتاب المقدّس صوفياً. (م)          
(115) Mario Praz: ناقد أدبيّ إيطاليّ (1896/ 1982)، من كتبه (البطل في محاق، اللوعة الرومانتيكية). (م)           
(116) Lautreamont: شاعر فرنسيّ/ من أوروجواي (1846/ 1870)، بديوان وحيد كخرافة (أناشيد مالدورور)، عاش كالومضة (24 سنة)، لكنه أثّر كثيراً بالسوريالية. قال "سأُبدل الكآبة بالبسالة، الريبة باليقين، اليأس بالأمل، الغلّ بالخير، الشكاية بأداء الواجب، الشكّ بالإيمان، المماحكات برباطة الجأش، والكِبر بالتواضع". (م)              
(117) Gaston Bachelard: فيلسوف فرنسيّ (1884/ 1962)، ساهم في المعرفة التاريخية وفلسفة العلم والفنّ والتنظير الأدبيّ والتحليل النفسيّ، من كتبه (جماليات المكان، الماء والهواء والأحلام، التحليل النفسيّ للنار). (م)            
(118) Finnegans Wake: رواية جويس التجريبية، لغة غرائبية وتوريات متعددة اللغات وتيار الوعي وتوهّمات أدبية وأحلام حرة ولا تزال عصية على الترجمات. (م)          
(119) Cyclopeian: طراز مبانٍ بحجارة ضخمة غير متّسقة دون ملاط، والسيكلوب كائن خرافيّ بعين واحدة. (م)          
(120) Marinetti: شاعر إيطاليّ (1876/ 1944)، مؤسس حركة "المستقبلية"، شايع الفاشية، وناهض السامية. كان ملحداً، ثم آمن بالكاثوليكية في نهاية أيامه. إليه تُعزى "بيانات المستقبلية". (م)           
(121) Futurism: حركة فنية واجتماعية، نشأت في إيطاليا، تمجّد مفاهيم المستقبل المعاصرة، كالسرعة والتقنية والشباب والعنف والمجتمع الصناعيّ، تستهدف التحرّر من أثقال الماضي وتمجيد قيم الحداثة، ولها تأثير بالغ في الدادائية والسوريالية والبنيوية. (م)            
(122) R. W. B. Lewis: ناقد أمريكيّ (1917/ 2002)، من كتبه (آدم الأمريكيّ، استبطانات أدبية).  (م)           
(123) Andre Malraux: روائيّ ومنظّر أدبيّ فرنسيّ (1901/ 1976)، شغل وزير الثقافة أيام ديجول، من كتبه (أقمار من ورق، إغواء الغرب، مصير الإنسان، أمل الإنسان، أصوات الصمت، سيكلوجية الفنّ، لا مذكرات). (م)           
(124) Silone: كاتب إيطاليّ (1900/ 1978)، من كتبه (الفاشية، خبز وخمر، مدرسة الطغاة، مخرج عاجل). (م)           
(125) Graham Green: روائيّ إنجليزيّ (1904/ 1991)، 25 رواية منها (نهاية علاقة، بندقية للبيع، الرجل الثالث، الرجل العاشر، وزارة الخوف). (م)           
(126) Picaresque Saint: دراسات عن ستة روائيين (مورافيا، كامي، سيلون، فوكنر، جرين، مالرو)، للناقد الأمريكيّ ر. و. ب. لويس. (م)          
(127) Frank Kermode: ناقد أدبيّ إنجليزيّ (1919/ 2010)، من كتبه (إحساس بالنهاية: دراسات في نظرية الرواية، التاريخ والقيمة، فنّ الحكي، الشهية للشعر: تأويل أدبيّ، الصورة الرومانسية، عن الشعر والشعراء). (م)           
(128) Freud: عرّاب التحليل النفسيّ النمسويّ (1856/ 1939)، من كتبه (تفسير الأحلام، الطوطم والتابو، وراء مبدأ اللذة، مستقبل الوهم، سخط الحضارة، 3 مقالات في نظرية الجنس، موسى والتوحيد). (م)           
(129)Alfred North Whitehead : فيلسوف وعالم رياضيات إنجليزيّ (1861/ 1947)، من كتبه (مبدأ النسبية، مبدأ الرياضيات، الدين صناعة، الرمزية معناها وتأثيرها، أهداف التعليم، الخلود). (م)               
(130) Ferenczi: عالم نفسيّ مجريّ (1873/ 1933)، مساعد فرويد، درس انفجار اللغات: نظرية الصدمة. (م)           
(131) Rilke: شاعر وروائيّ نمسويّ (1875/ 1926)، طليعيّ حداثيّ، يكتب عن العزلة والتوتّر والوجود، من شعره (كتاب الساعات، مراثي دوينو، سونيتات إلى أورفيوس). (م)            
(132) Nietzsche: فيلسوف وشاعر وناقد أدبيّ وموسيقار ألمانيّ (1844/ 1900)، أهمّ أفكاره: موت الربّ، إرادة القوة، العود الأبديّ، الإنسان الأعلى. أثّر في الوجودية، ما بعد البنيوية، ما بعد الحداثة، ولا يزال تأثيره حاسماً إلى اليوم. من كتبه (ميلاد التراجيديا، العلم المرح، ما وراء الخير والشرّ، هكذا تحدّث زرادشت، إرادة القوة). (م)            
(133) Nikolai Berdyaev: فيلسوف دينيّ وسياسيّ روسيّ (1874/ 1948)، وجوديّ مسيحيّ، يهتمّ بالإبداع والحرية، ماركسيّ يتمرّد على المجتمع الصناعيّ الجمعيّ، من كتبه (الحرية والروح، العزلة والمجتمع، العقل البورجوازيّ، البداية والنهاية، المقدّس والإنسانيّ، الحلم والواقع). (م)           
(134) Herbert Marcuse: فيلسوف وعالم اجتماع ألمانيّ/ أمريكيّ (1898/ 1979)، من كتبه (العقل والثورة، الإنسان ذو البعد الواحد، إيروس والحضارة، نقد التسامح المحض). (م)            
(135) technocracy: حكومة الفنيين المختّصين. (م)          
(136) Thomas J. Altizer: لاهوتيّ أمريكيّ (مواليد 1927)، يتمحّص فكرة الشرّ وغياب الإرادة، يرى أن حضور الروح هو الردّ على العدمية التي تقود المسيحية العالم إليها. من كتبه (يسوع المعاصر، الهبوط إلى الجحيم، رأس الله والعدم، الحياة في موت الربّ، الرؤيوية الجديدة). (م)             
(137) William Hamilton: لاهوتيّ أمريكيّ (1924/ 2012)، يناصر فكرة موت الربّ والإلحاد المسيحيّ. (م)            
(138) Van Buren: لاهوتيّ أمريكيّ (1924/ 1998)، زعيم حركة موت الربّ. (م)           
(139) Marshall McLuhan: فيلسوف كنديّ (1911/ 1980)، اهتمّ بنظرية الإعلام والتثقيف الجماهيريّ، وإليه تُعزى كلمات (الميديا رسالة، القرية العالمية). (م)            
(140) Buckminister Fuller: معماريّ مستقبليّ أمريكيّ (1895/ 1983)، يهتمّ بالقباب وتنويع شكل المداخل والمخارج، وتطوير "الأرض المسطّحة" نحو "الأرض سفينة فضاء". (م)            
(141) Gutenberg Galaxy:  كتاب مارشال ماكلوهان، يرى عصور التاريخ أربعة (الثقافة الشفهية، الثقافة المخطوطة، مجرة جوتنبرج، العصر الإلكترونيّ)، والحلّ النهائيّ في "القرية العالمية".        .        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق