ترجمة:
غادة الحلواني
يمكن أن يقال عن
الرغبة الجنسية إنها إذعان للحياة حتى شفا الموت. بوضوح تام، هذا ليس تعريفًا،
لكني أعتقد أنها الصيغة التي تعطي معنى الرغبة الجنسية أفضل من أية صيغة أخرى.
فإذا ما أردنا تعريفا دقيقا، فستكون نقطة البدء بالتأكيد هي النشاط التناسلي
الجنسي، وما للشهوة الجنسية من صيغة خاصة في هذا النشاط التناسلي. إن النشاط
التناسلي الجنسي نشاط شائع ومشترك بين الحيوانات التناسلية والإنسان، لكن يبدو أن
البشر فقط هم الذين حولوا نشاطهم التناسلي إلى نشاط شبقي. إن الشهوة الجنسية، وهي
مختلفة عن النشاط التناسلي البسيط، هي مطلب سيكولوجي مستقل عن الهدف الفطري وهو
التناسل، والرغبة في إنجاب الأطفال. من هذا التعريف الابتدائي، دعونا نعود الآن
إلى الصيغة التي اقترحتها في البداية وهي: أن الشهوة الجنسية إذعان للحياة حتى في
الموت. فبالفعل، ورغم أن النشاط الشبقي في المقام الأول، هو امتلاء بحيوية الحياة،
فإن هدف هذا المطلب السيكولوجي المستقل عن أية صلة بالحياة التناسلية كما قلت، ليس
مغايرا للموت.
هنا يكمن تناقض
ظاهري، وبدون لغط زائد، سوف أحاول أن أدعم تأكيدي بهذين الاستشهادين التاليين:
يقول دي ساد "لا يوجد فاسق يمضي في طريق الرذيلة قليلا، إلا ويعرف ما يحمله
الوعي من مشاعر القتل"؛ والكاتب نفسه هو الذي كتب الجملة التالية، وهي أكثر
إثارة للاهتمام: "لا يوجد طريق أفضل لمعرفة الموت، من ربطه، ببعض الصور
الفاسقة".
لقد تحدثت عن مبرر
شبيه، فبالفعل قد تكون فكرة دي ساد ناجمة عن شذوذ وفي كل حال، حتى لو كان صحيحًا أن النزعة التي تعود إليها،
ليست "مألوفة" في طبيعة الإنسان، فهذا يعد مسألة، حسية شاذة، ومع ذلك،
يظل هناك ارتباط بين الموت والإثارة الجنسية، إن إدراك مشاعر القتل أو التفكير
فيه، يمكن أن يعطي فرصة الظهور رغبة للمتعة الجنسية عند العُصابي. إننا لا يمكن أن
نتظاهر بأن حالة العصاب هي سبب هذا الارتباط بين الموت والإثارة الجنسية وحسب،
فأنا شخصيّا أؤمن بأن هناك حقيقة ما تتكشف في مفارقة دي ساد، هذه الحقيقة تمضي إلى أبعد من حدود الفسق، بل وأؤمن أن هذه الحقيقة قد
تكون أساس تصوراتنا عن الحياة والموت، وفي الحقيقة، أنا أؤمن، بأننا لا نستطيع أن
نفكر مليًّا في الوجود بدون الاستناد إلى هذه الحقيقة ويبدو على غير المعتاد، أن
هناك افتراضا بأن كينونة الإنسان مستقلة عن رغباته الجنسية، وأنا أؤكد، من ناحية
أخرى، أننا لا يجب أبدا تصور الوجود إلا بلغة هذه الرغبات الجنسية.
يجب أن أعتذر الآن عن
استخدام نظرة فلسفية كنقطة بداية لمناقشتي إن الفلسفة، بصفة عامة، ملمومة لكونها
انفصلت عن الحياة، لكن دعوني أعيد لكم الطمأنينة على الفور. إن الرأي الذي أقدمه
مرتبط بالحياة في أكثر الطرق حميمية، إنه يعزي إلى النشاط الجنسي المدروس في ضوء
التناسل. لقد قلت إن التناسل يقابل الشهوة الجنسية، لكن، مع التسليم بحقيقة أن
الشهوة الجنسية مشروطة بالاستقلالية المتبادلة للسعادة الشبقية والتناسل كنهاية
(كهدف) إلا أن المعنى الأساسي للتناسل، برغم ذلك، هو مفتاح الشهوة الجنسية.
يتضمن التناسل وجود
كائنات غير متواشجة، إن الكائنات التي تولد ذواتها متميزة، الواحد عن الآخر، وتلك
الكائنات المولودة بالمثل، متميزة عن بعضها البعض تميزها عن آبائها، إن كل كائن
متميز عن كل الكائنات الأخرى. إن مولده وموته، وأحداث حياته، قد تهم الآخرين، لكنه
هو وحده المَعْنِي بها مباشرة فهو يولد وحده، ويموت وحده. إن بين كل كائن وكائن
آخر هوة تمثل هذا الانقطاع.
توجد الهوة على سبيل
المثال بينك وبيني وأنت تسمعني وأنا أتكلم معك فنحن نحاول أن نتواصل، لكن لا تواصل
بيننا يمكن أن يلغي اختلافنا الأساسي إذا مت، فهو ليس موتي. أنا وأنت كائنات غير
متواشجين.
لكنني لا أستطيع أن
أعزو الأمر، لهذه الهوة التي تفصلنا، بدون الإحساس بأن هذا لا يمثل الحقيقة كلها.
إنها هوة عميقة، ولا أرى كيف يمكن تجاوزها، ومع ذلك يمكن اختبار ما تسببه من دوار
معًا فهي التي يمكن أن تنومنا مغناطيسيا، هذه الهوة هي الموت في أحد معانيها
والموت مدوِّخ، الموت منوّم مغناطيسي.
في نيتي اقتراح هو
أنه بالنسبة لنا، نحن الكائنات غير المتواشجة فإن الموت يعني لنا استمرارية
الوجود، إن التناسل يؤدي إلى كائنات غير متواشجة، لكنه يجلب إلى الساحة تواصليتهم،
بمعنى أن التناسل جوهريًّا مرتبط بالموت. وسوف أحاول أن أعرض، عن طريق مناقشة
التناسل والموت كيف أن الموت يُعرف بالتواصلية، وكل من هذين المفهومين يشع بجاذبية
واحدة.
هذه الجاذبية هي
العنصر المهيمن في الشهوة الجنسية. أنا على وشك التعامل مع قلق أساسي، مع شيء،
يقلب النظام المؤسس رأسًا على عقب. إن الحقائق التي سوف أتناولها كنقطة بداية،
ستبدو للوهلة الأولى حقائق محايدة وموضوعية وعلمية، ومتعذر تمييزها عن الحقائق
الأخرى التي تهمنا بلاشك، ولكن سأتناولها من بعيد. هذا الغموض الظاهر، مشوش، لكن
سأتناوله في البداية في معناه الظاهري.
أنت تعلم أن
المخلوقات الحية تتوالد بطريقتين: الكائنات الحية الأولية والتي تتكاثر من خلال
التناسل اللاجنسي، والكائنات الحية المعقدة والتي تتكاثر من خلال التناسل الجنسي.
إن الكائن الحي في
التناسل اللاجنسي، هو خلية واحدة، ينقسم عند مرحلة محددة من نموه، حيث تتكون
نواتان، وينشأ كائنان جديدان من كائن مفرد واحد، لكننا لا نستطيع القول بأن كائنًا
واحدًا قد أعطى النشوء لكائن ثانٍ، إن الكائنين الجديدين هما بالتساوي نتاج الكائن
الأول.
لقد اختفى الكائن
الحي الأول، مات بكل فحواه وغاياته، أي أنه لا يحيا في أي من الكائنين الجديدين
اللذين أنتجهما، ولم يتحلل بالطريقة التي تتحلل بها الحيوانات الجنسية عندما تموت،
لكنه كف عن الوجود. إنه يكف عن الوجود إلى الحد الذي أصبح فيه غير مرتبط بشيء،
ولكن عند مرحلة من مراحل عملية التوالد كانت هناك تواصلية، هناك نقطة يصبح عندها
الكائن الأصلي اثنين، وما إن يصبح اثنين حتى يوجد مرة أخرى انقطاع بين كل من
الكائنين لكن العملية تستلزم لحظة واحدة من التواصلية بينهما، إن الكائن الأول
يموت، ولكن بينما الحي الأول يموت تكون هناك لحظة من التواصلية بين الكائنين
الحيين الجديدين.
إن التواصلية نفسها
لا يمكن أن تحدث من موت الكائنات الجنسية، حيث التناسل في النظرية العلمية مستقل
عن الموت والاختفاء، لكن التناسل الجنسي أساسًا، مسألة انقسام خلوى، مثل التناسل
اللاجنسي، يجلب نوعا جديدًا من الانتقال من الانقطاعية إلى التواصلية يبدأ الحيوان
المنوي والبويضة بكينونتين غير مترابطتين، لكنهما يتحدان، وبناء على هذا تأتي
التواصلية إلى الوجود بينهما لتكوين كينونة جديدة من موت واختفاء الكائنين
(البويضة والحيوان المنوي) المنفصلين، إن الكينونة الجديدة، هي في حد ذاتها غير
متواصلة، لكنها تحمل في داخل نفسها الانتقال إلى التواصلية. إن الالتحام محتوم لكل
من الكائنين المنفصلين.
على ما يبدو من تفاهة
هذه التغيرات، إلّا أنها أساسية لكل أشكال الحياة. وأقترح من أجل أن نجعلها واضحة،
أن تحاولوا تخيل أنفسكم تتغيرون من الحالة التي أنتم عليها إلى حالة تصبح فيها
الذات كلّها ثنائية تمامًا، لن تستطيعوا أن تحيوا هذه العملية، حيث أن الثنائي
الذي تحولتم إليه مختلف جوهريا عنكم، كل طرف من هذا الثنائي بالضرورة متميز عما
أنتم عليه الآن، ولكي يكون الثنائي متطابقا معكم حقّا يجب أن يكون أحد هذا الثنائي
متواصلا بالفعل مع الآخر، وليس مميزا عنه. إن الخيال يجفل عند هذه الفكرة الغريبة،
ومن ناحية أخرى إذا ما تخيلتم التحامًا بينكم وبين إنسان آخر، مشابها لذلك
الالتحام بين البويضة والحيوان المنوي، فسوف تستطيعون أن تتخيلوا بسهولة التغير
الذي نتحدث عنه.
هذه المفاهيم، لا
يُنوى الأخذ بها كقياس تمثيلي دقيق، في أبعد الشقة بين أنفسنا، وإدراكنا الذاتي
للكائنات الحية الدقيقة التي نتكلم عنها. ومع ذلك فأنا أحذركم من عادة رؤية هذه
المخلوقات الضئيلة من الخارج فقط، ومن رؤيتها كأشياء لا تتواجد داخل أنفسها. فأنت
وأنا "نوجد" داخل أنفسنا كذلك الكلب، وفي تلك الحالة فإن الحشرات
والكائنات الأصغر توجد أيضًا داخل أنفسها. ومع ذلك كلما تدرجنا نزولا في ميزان
الكائنات من المعقد إلى البدائي، لا نستطيع أن نرسم خطّا بين تلك الكائنات التي
توجد داخل أنفسها، وتلك التي لا توجد داخل أنفسها، فهذا الوجود الداخلي، لا يمكن
أن يكون نتيجة تعقيد أعظم، أي إذا كانت أدق الكائنات لا تمتلك نوعها الخاص من
الوجود الداخلي كبداية، فلا يمكن لأي درجة من التعقيد أن تهيئ لها هذا الوجود
الداخلي.
إن المسافة بين هذه
الكائنات الحية المتناهية الصغر وأنفسنا، هي برغم كلّ شيء تؤخذ في الاعتبار
والاعمال التخيلية المربكة التي اقترحتها، ليس لها مدلول عميق، إن كل ما عنيته هو
إعطاء فكرة واضحة، من خلال نوع من البرهان غير المباشر، عن هذه التغييرات
اللانهائية، التي تحدث عند الأساس المجرد من حياتنا.
يوجد عند المستوى
الجوهري من حياتنا انتقالات من التواصلية إلى الانقطاعية أو بالعكس. نحن كائنات
غير مترابطة وأفراد نموت في عزلة وسط مغامرة مبهمة ولكننا نتوق إلى تواصليتنا
الضائعة. نحن نجد حالة الغرام التي تقيدنا إلى فرديتنا العشوائية والزائلة
والثقيلة الحمل. إن بجانب رغبتنا المعذبة في أن هذا الشيء الزائل يجب أن يدوم، يقف
هناك شكنا في تواصلية أساسية تربطنا بكل شيء كما هو. إن هذا الحنين ليس له صلة
بمعرفة الحقائق الأساسية التي ذكرتها، ويمكن أن يعاني الإنسان عند التفكير في عدم
وجوده في الحياة، مثل موجة تضيع ما بين موجات أخرى عديدة، حتى إذا لم يعرف أي شيء
عن انقسام الخلايا البسيطة والتحامها لكن هذا الحنين هو المسئول عن أشكال الشهوة
الجنسية الثلاثة في الإنسان.
أنوي الحديث عن هذه
الأنواع الثلاثة من الشهوة الجنسية تباعًا، أي الشهوة الجسدية والعاطفية والدينية،
وهدفي هو أن أبين بالنسبة لثلاثتهم، فإن المعنى هو إحلال إحساس عميق بالتواصلية،
عند الفرد المعزول غير المترابط، إن من السهل رؤية المعنى بالشهوة الجنسية
العاطفية أو الجسدية، لكن الشهوة الجنسية الدينية هي مفهوم أقل شيوعًا، وفي كل
حال، فإن المصطلح غامض في كل تلك الأنواع، التي تحمل صفة مقدسة، لكن الشهوة
العاطفية والجسدية تتناسب مع خارج النطاق الخاص بالمجال الديني، بينما الطلب من
أجل تواصلية الوجود يسعى بنظامية إلى ما وراء العالم الحالي، ما يدل على مغزى دفين
جوهري. إن الشهوة الجنسية الدينية في شكلها الغربي الشائع، ترتبط بالسعى وراء حب
الله. لكن الشرق الذي له نفس الطلب، ليس ملتزمًا بالضرورة بفكرة جسمانية الله، حيث
أن هذه الفكرة غائبة عن الديانة البوذية على وجه التحديد. آمل الآن على تأكيد مغزى
ما حاولت أن أقوله، لقد ألححت على مفهوم قد يبدو للوهلة الأولى غير مناسب وغير
ضرورى فلسفيًا، وهو تواصلية الكائن الحي، في مقابل انقطاعية الكائن الحي. عند هذه
المرحلة التي وصلنا إليها ألح على أنه بدون هذا المفهوم فإن المعنى الأوسع للشهوة
الجنسية والوحدة التي تؤكد أشكالها، سوف يفلت منّا.
إن هدفي من الانصراف
إلى البحث في الانقطاعية والتواصلية للكائنات الدقيقة المرتبطة في نشاط تناسلي،
كان لاختراق الظلام الذي يكتنف دائما المجال الواسع للشهوة الجنسية. إن للشهوة
الجنسية أسرارها التي أحاول سبرها الآن، فهل يمكن هذا بدون بلوغ جوهر الوجود في
البداية؟.
يجب أن أعترف الآن
فقط، أنه ربما يبدو الاهتمام بتناسل الكائنات الحية الدقيقة بلا مغزى أو صلة
بالأمر. إنها تفتقر إلى الاحساس بالعنف الجوهري الذي يضيء كل تجلّ للشهوة الجنسية،
وفي الحقيقة، إن حقل الشهوة الجنسية هو حقل العنف وحقل الانتهاك. ولكن دعونا نفكّر
مليّا في الانتقال من انقطاعية إلى تواصلية هذه الكائنات الحية الدقيقة، فإذا ما
ربطنا هذا الانتقالات بخبراتنا الخاصة، فسيتضح أن هناك عنفا أعظم في الانتزاع الفظ
الناجم عن الانقطاعية فأكثر الأشياء عنفا وقسوة على الإطلاق بالنسبة لنا، هو
الموت، الذي يقذف بنا خارج الهاجس المتشبث بدوام وجودنا المتقطع فنحن نجزع من
التفكير بأن الشخصية المنفصلة بداخلنا يجب أن تزول مثل الجزء المحترق من فتيل
الشمع، ولا نجد الأمر سهلا في ربط أحاسيس المخلوقات الدقيقة المعشقة في التناسل
بأحاسيسنا الخاصة، لكن وأيا كان صغر الكائنات الحية، إلا أننا لا نستطيع أن نبصر
مجيئهم إلى الوجود بدون ممارسة تعديل لمخيلتنا: فالوجود نفسه على رهان في الانتقال
من الانقطاعية إلى التواصلية إن العنف وحده هو الذي يمكن أن يجلب كل شيء إلى حالة
من التدفق بهذه الطريقة، العنف وحده والقلق الذي لا اسم له المرتبط به، فنحن لا
نستطيع تصور التحول من حالة إلى حالة أخرى مخالفة للحالة الأولى في الأساس، بدون
تصور العنف الذي يمارس على الكائن الحي، الذي يأتي إلى الوجود من خلال الانقطاعية.
إن الشغل الكلي للشهوة الجنسية، هو النفاذ
إلى الجوهر الاعمق من الكائن الحي، ولهذا يظل القلب خافقا. إن افتراض الانتقال من
الحالة العادية إلى حالة الرغبة الجنسية يفترض انحلالا جزئيا للشخص، الذي يوجد في
دنيا الانقطاع، هذا المصطلح –الانحلال- يتوافق مع حياة فانية، إن التعبير الشائع
مرتبط بنشاط جنسي، ففي عملية الانحلال – الذوبان يكون للشريك الذكر عامة دور نشط
بينما الشريك الأنثوي له دور سلبي. إن الشريك السلبي، وهو الجانب الانثوي، هو
الجانب الذي يتلاشى ككينونة منفصلة جوهريا لكن بالنسبة للشريك الذكر، فإن انحلال
الشريك السلبي يعني فقط شيئا واحدا، إنه يُعبّد الطريق للانصهار، حيث يمتزج كلاهما
محققين نفس الدرجة من الذوبان. إن العمل الكلي للشهوة الجنسية هو تدمير صفة
الاحتواء الذاتي للمشاركين فيها، وهي الصفة التي يكونان عليها في حيواتهم العادية.
العري المجرد، هو
الفعل الحاسم. إن التعري يقدم، تناقضًا للملكية الذاتية وللوجود المتقطع، بتعبير
آخر. إنه حالة من التواصل، كاشفة عن طلب من أجل استمرارية ممكنة للكائن الحي
تتجاوز حدود الذات، إن الأجساد مفتوحة لحالة من التواصلية، من خلال قنوات سرية،
تلك القنوات التي تعطينا إحساسا بالفحش، إن الفحش هو تسميتنا للقلق الذي يفسد
الحالة الجسدية المزاملة للامتلاك الذاتي، لامتلاك فردية ثابتة ومعروفة فمن خلال
نشاط الأعضاء في تدفق من الالتئام والتجديد مثل الجزر وارتفاع الأمواج المتموجة
تُفْقد الذات، وبكل ما في الكلمة من معنى حيث معظم المخلوقات في حالة من العُري،
ولأن العري هو رمز هذه اللاملكية وبشيرها، فسوف يحتجب، خاصة إذا اكتمل فعل الشبق
بالجماع، يُرى العُري المجرد في الحضارات حيث الفعل له مغزى كامل، فإذا لم يكن
تصويرا رمزيا لفعل القتل، فهو على الأقل، انتزاع مساو للجاذبية الأرضية.
عند تناولي للشهوة
الجنسية الدينية والتي تهتم بالتحام الكائنات الحية بعلم يتجاوز الحقيقة اليومية،
سوف أعود لمغزى القربان إلا أنه هنا والآن يجب أن أؤكد أن الشريك الأنثوي في الشهوة الجنسية، كان
يُرى كضحية، والرجل كمضخٍّ فالاثنان خلال عملية المضاجعة يفقدان أنفسهما في
التواصلية المؤَسَسة بواسطة الفعل التدميري الأول.
تضْعِفْ هذه المقارنة
جزئيًّا المدى الخفيف من التدمير المتضمن في العملية، وسوف يكون حقيقيا فقط القول
إنه إذا ما تراجع عنصر الاغتصاب أو حتى العنف الذي يضفي على الشهوة الجنسية خاصية
التدمير، فسوف يصل هذا النشاط الشبقي ذروته بصعوبة. فإذا كان مدمرًا حقًا. وإذا ما
حدث قتل بالفعل فإن نوعية الفعل الشبقي لن يفرز أكثر بتلك الوسيلة إلا من خلال
إجراء مساو فظ وصف من قبل فعندما يحدد الماركيز دي ساد، في رواياته القتل، كذروة الإثارة الجنسية، فإن هذا ينطوي فقط، على أن
العنصر التدميري الممتد حتى نتيجته المنطقية، لا يأخذنا بالضرورة خارج مجال الشهوة
المناسب إن الشهوة تستلزم دائمًا، كسرًا للنماذج المؤسسية، نماذج –وأكرر- النظام
الاجتماعي المنتظم والتي تعد أساسًا لشكل انقطاعيتنا الوجودية كأفراد منفصلين
ومعينين، لكن في الشهوة الجنسية، وعلى مستوى أقل حتى في التناسل، نجد أن انقطاعية
وجودنا ليست مدانة بالرغم من دي ساد أي أنها فقط مزعجة حيث يجب هز ورج أساساتها، إن التواصلية هي ما نسعى
وراءها، لكن عامة إذا ما كانت تلك التواصلية التي يستطيع وحده موت الكائنات الحية
(غير المتواصلة) تأسيسها فقط، فإن هذا ليس السائد على المدى الطويل، حيث أن ما نرغب
فيه هو جلب كل التواصلية إلى علم مؤسس على الانقطاع حيث إن علمًا على هذا النحو،
يمكن أن يبقى لقد تجاوز انحراف دي ساد هذا الحد، ويراه البعض في الطريق إلى
نهايته، لكن بالنسبة للبشر العاديين مثل هذه الأفعال النهائية تدل فقط على خبرات
متطرفة في المقام الأول، حيث يجب على كل شخص أن ينغمس فيها إلى حد ما. إن الحيوية
التي بداخلنا لها امتداداتها المخيفة، وهذه الامتدادات تبين أي الطرق التي سوف
تأخذنا إليها تلك الحيوية، إنها ببساطة علامة لتذكيرنا دائمًا أن الموت الذي هو
نزع للأفراد غير المتواصلين والذي نلتصق به برهبة يقف هناك أمامنا، أكثر حقيقة من
الحياة ذاتها.
إن الشهوة الجسدية،
لها في كل الأحوال، خاصية شريرة وفاسدة، إنها تواصل التقدم نحو
"انفصالية" الفرد في شكل ساخر وأناني نوعا ما، أمّا الشهوة الجنسية
العاطفية فهي أقل تقييدا، وبالرغم من أنها تبدو بعيدة عن الحسية المادية، إلا أنها
غالبًا ما تشتق منها، حيث تكون مظهرا مفتعلا مستقرا بواسطة العاطفة المتبادلة
للعشاق ويمكن لهذا النوع من الشهوات، أن ينفصل كلية عن الشهوة الجنسية الجسدية
بسبب أن التنوع الضخم للنوع البشري محتوم باتساعه لاستثناءات من هذا النوع.
إن التحام أجساد
العشاق تدوم على المستوى الروحي، بسبب الرغبة التي يحسون بها، أو لأن هذه الرغبة
هي استهلال الالتحام الجسدي. من ناحية ثانية بالنسبة للإنسان الذي يحب يشعر باتقاد
الحب بشدّة أكثر من شدة الرغبة الجسدية يجب أن لا ننسى أبدًا، أنه برغم وعود الحب
الرحيمة، إلا أن جوهره الأولى هو أحد أشكال الاضطراب والألم. إن الرغبة الجنسية
المحققة لنفسها تستحدث تهيجًا عنيفًا هائلًا حيث ان السعادة المتضمنة فيه قبل أن
تكون سعادة مستمتع بها عظيمة جدًّا بحيث تكون أكثر شبهًا بنقيضها ألا وهي
المعاناة، إن جوهرها هو أن يستبدل الانقطاع الدائم، بتواصلية إعجازية بين الكائنات
الحية، ومع ذلك هذه التواصلية يُشعر بها أساسًا في ألم الرغبة، عندما تكون مازالت
متعذرة التحقق، ومازالت اشتياقا عاجزًا مرتجفا عاجزًا عن التحقق، إن شعورا هادئًا
من السعادة الآمنة يمكن أن يعني فقط السكون الذي يعقب عاصفة طويلة من المعاناة
لأنه من المرجح بدرجة أكبر، أن العشاق لن يتقابلوا في ذلك الالتحام السرمدي أكثر
مما سوف يفعلون بمعنى أن الفرص في الأعم الأغلب ضدّ تأملهم الاخرس المنذهل من
تواصليتهم التي توحدهم معًا.
إن احتمالية المعاناة
هي الأرجح، حيث أن المعاناة وحدها تكشف عن المغزى التام لباعث المحبوب. إن باعث
المحبوب الامتلاكي (التملكي لا يتضمن الموت، لكن فكرة الموت مرتبطة بالحافز
للتملك. إذا ما العاشق لم يستطع تملك المحبوبة فسوف يفكر في قتلها أحيانًا،
فغالبًا ما يفضل قتلها عن أن يخسرها، أو قد يتمنى الموت لنفسه، تكمن خلف هذه
الأفكار المسعورة لمحة من احتمالية التواصلية، من خلال المحبوب، وفقط المحبوب.
هكذا يبدو للعاشق، لأن العلاقات الغرامية، تتملص من التعريفات التي تماثل اتحاد
الاجساد باتحاد الأرواح –فقط المحبوب في هذا العالم يستطيع أن يقدم ما تحرمنا منه
حدودنا البشرية، ألا وهو الاندماج الكلي لكينونتين، وتواصلية بين مخلوقين غير
متواصلين لهذا يلفظ الحب لنا المعاناة بقدر ما هو مطلب للمستحيل، وعلى مستوى أقل
هو مطلب للاتحاد عندما تسمح الظروف، وعلاوة على ذلك، فهو يعد بمخرج من معاناتنا،
فنحن نعاني من عزلتنا، في انفصالنا الفردي، فالحب يكرر فقط إذا امتلكت المحبوب، فإن
روحك المريضة بالعزلة سوف تتحد بروح المحبوب هذا الوعد على الأقل – جزئيّا- خادع،
لكن فكرة مثل هذا الاتحاد في الحب تأخذ مكانها بكثافة مسعورة ولو أنها تختلف ربما
بالنسبة لكل عاشق على حدة وفي كل حال فإن وراء التصور الذي يعرضه ذلك الالتحام
المشكوك فيه والذي يسمح كما هو ببقاء الفردية، محتمل أن يدخل في مأزق حيث أنه فضلا
عن ذلك فإن هذا الالتحام، المتغلغل، برغم عمقه، يحفظ في مقدمة الوعي بسبب المعاناة
من تهديد الاتصال.
يجب أن نأخذ في
اعتبارنا احتمالين متعارضين:
إذا ما حدث اتحاد
لعاشقين من خلال الحب، فإن هذا الاتحاد يقتضي ضمنًا فكرة الموت أو القتل أو
الانتحار، هذه الهالة من الموت، هي التي ترمز إلى الرغبة الجنسية. وعلى مستوى أدنى
من ذلك المستوى الذي يتضمن عنفًا –العنف الذي يثار بإحساس الفرد المنفصل بالانتهاك
المستمر- يبدأ عالم السعادة والأنانية المشتركة وهي في الحقيقة حالة أخرى من الانقطاعية
فقط في انتهاك عزلة الفرد –من خلال الموت إذا ما تطلب الأمر- يمكن أن يظهر ذلك
التصور لباعث المحبوب، الذي يغلف كل الوجود بالمعنى في عيني العاشق فبالنسبة
للعاشق يصنع المحبوب العالم شفافًا يظهر من خلال المحبوب، شيئًا سوف أعود إليه،
عند تناول الشهوة الجنسية الدينية أو المقدسة، لرؤية وجود مليء، لا حدّ له غير
مسجون بداخل قيود تواصلية الشخصيات المنفصلة للوجود، وامضًا، شيء بوصفه حرية تتأتى
خلال شخصية المحبوب هناك مناف للعقل ومختلط بفظاعة حول هذا المفهوم وبرغم ذلك خلف
الشيء المنافي للعقل والالتحام والمعاناة ترقد هناك، حقيقة إعجازية ففي الواقع لا
يوجد شيء خادع في الحب، فوجود المحبوب هو بالفعل (يوازن بالنسبة للعاشق –وفقط
بالنسبة للعاشق بلاشك لكن ما الذي يوازن به؟- إنه يوازن بين العاشق وحقيقة الوجود
يمكن أن تتيح الفرصة ذلك، من خلال تلك الكينونة حيث تتنحى تعقيدات العالم جانبًا
وقد يعي العاشق الأعماق الحقيقية للوجود وبساطتها بمعزل عن الحظ العشوائي والجزافي
الذي يجعل امتلاك المحبوب ممكنًا، سعت البشرية منذ أزمنة مبكرة للوصول إلى هذه
التواصلية المحررة، عن طريق وسائل لا تعتمد على الفرصة وتظهر المشكلة عندما يواجه
الإنسان بالموت الذي يبدو أنه يقذف المخلوقات غير المتواصلة، بدون تردد إلى
التواصلية. هذه الطريقة في رؤية الأمر ليست المرة الأولى التي ترد إلى الذهن، حيث
برغم أن الموت يدمر الكائنات الحية غير المتواصلة إلا أنه يترك تواصلية الوجود
الشاملة بكرًا خارج أنفسنا، لم أنس الحاجة للتأكيد أن بقاء الفرد في حد ذاته هو
قاعدة أساسية لرغبتنا في الخلود لكن لست معنيًّا بمناقشة هذا في الوقت الحالي. إن
ما أريد التأكيد عليه، هو أن الموت لا يؤثر على تواصلية الوجود، حيث أنه في الوجود
نفسه تنشأ كل الموجودات بمعنى أن تواصلية الوجود مستقلة عن الموت، بل إنها مثْبتة
بالموت. هذه هي الطريقة على ما أعتقد لتفسير القرابين الدينية بمقارنته بالنشاط
الشبقي كما اقترحت. فالنشاط الشبقي وعن طريق انحلال الموجودات المنفصلة التي تشارك
فيه، يكشف عن تواصليتهم الجوهرية مثل أمواج بحر عاصف. أما في القربان فإن الضحية تُسْلب
ليس فقط من الملابس ولكن أيضًا تُسْلب منها الحياة (أو أنها تدمر على نحو ما، إذا
ما كانت شيئا لاحقا). إن الضحية تموت. ويشارك المتفرجون في ما يتكشف عن موتها، إن
هذا هو ما يسميه المؤرخون الدينيون عنصر التقديس خبز التقديس. هذا التقديس هو وحي
التواصلية، خلال موت الكائن الحي غير المتواصل، بالنسبة للذين يرونه كطقس مقدس إن
موتًا عنيفًا يمزق انقطاعية الكائنات الحية، حيث إن ما يبقى وما يختبره المشاهدون
المتوترون في صمت متصاعد هو تواصلية الوجود في الضحية التي أصبحت وحيدة. إن قتلًا
مثيرا فقط منفذ على أنه طبيعة جمعية ومقدسة لأوامر دينية، له القوة النظامية-
القياسية على كشف ما يفلت من الملاحظة نحن لن نكون قادرين عرضيا على تخيل ما يجري
في الأعماق السرية في عقول المتفرجين إذا لم نستطع استدعاء خبراتنا الدينية
الشخصية خاصة إذا كانت خبرات طفولية، إن كل شيء يقودنا إلى النتيجة الآتية، جوهريا
الخاصية الطقسية للقرابين البداية مناظرة للعامل المشابه في الأديان المعاصرة.
لقد قلت حلا أنني سوف
أتكلم عن الشهوة الجنسية الدينية، إن الحب الإلهي تعبير أكثر سهولة في الفهم، إن
حب الله هو مفهوم أكثر شيوعًا وأقل إرباكًا من فكرة حب العنصر المقدس، إنني لم
أستخدم هذا المصطلح لأن الشهوة الجنسية معشقة مع هدف أبعد من واقع حال وهو أبعد من
أن يكون مكافئا لحب الله، لقد فكرت أنه من الافضل أن يكون أقل من أن يدرك بسهولة
وأن يكون أكثر دقة.
إن المقدس والإلهي في
الأساس فكرتان مثاليتان، بصرف النظر عن الانقطاعية النسبية لله كشخص، إن الله كينونة
مركبة ممتلك للتواصلية التي أتحدث عنها على المستوى العاطفي بطريقة جوهرية ومع ذلك
فإن الإنجيل واللاهوت العقلاني يجسد الله ممثلا للكائن لكينونة الفرد وكخالق متميز
عن عمومية الأشياء المخلوقة. إن الخبرة السلبية فقط هي ما تستحق انتباهنا بالنسبة
لتفكيري، لكن هذه الخبرة غنية بما يكفي. لا يجب أن ننسى أبدًا أن اللاهوت الإيجابي
يماثل اللاهوت السلبي حيث أنهما مؤسسان على الخبرة الباطنية (الصوفية).
بالرغم من التمييز
الواضح عنه، يبدو لي أن الخبرة الصوفية تنجم عن الخبرة العالمية للقربان الديني
فهو يجلب إلى عالم تحكمه أفكار متصلة بخبرتنا عن الدوافع الجسدية، (ومعرفة متنامية
من هذه الخبرة) عنصر لا يجد مكانًا في بنائنا الثقافي، إن لم يكن على نحو سلبي
كعامل محدود فبالفعل الخبرة الصوفية تكشف عن غياب أي باعث، إن البواعث تعرف
بالانقطاعية في حين أن الخبرة الصوفية بقدر ما تسمح لنا قوتنا بكسر انقطاعيتنا،
تمنحنا إحساسًا بالتواصلية. إن الوسائل التي تستخدمها الخبرة الصوفية تختلف عن تلك
الوسائل الخاصة بالشهوة الجنسية العاطفية أو الجسدية ولكي نكون أكثر دقة، فهي لا
تستخدم وسائل مستقلة عن إرادتنا. إن الخبرة الشبقية مرتبطة بواقع يعتمد على فرصة،
على شخص معين وظروف ملائمة. أما الشهوة الدينية تتطلب هذه خلال الخبرة الصوفية،
صفاء الموضوع فقط.
وبصفة عامة، برغم عدم
ثباته، فإن نجاح الأشكال المختلفة التي ذكرتها في الهند متصورة ببساطة عظيمة
فالخبرة الصوفية مدخرة لنضج السن المتقدم، عندما يقترب الموت، وعندما تكون الظروف
الجيدة لتجربة الواقع مفقودة فإن الخبرة الصوفية المرتبطة بأوجه معينة في الأديان
الوضعية، تعارض أحيانًا ذلك الإذعان للحياة حتى الموت تلك التي رصدتها لتكون في
الأساس المعنى الجوهري للشهوة الجنسية.
لكن هذا التعارض ليس
جوهريا إن، الإذعان للحياة حتى الموت هو تحدٍ للموت في الشهوة الجنسية العاطفية
كما في الجسدية تحد للموت من خلال اللامبالاة للموت. إن الحياة هي الباب إلى
الوجود قد تداني الحياة، لكن لا تداني تواصلية الوجود. إن حميمية هذه التواصلية
وخاصيتها الاندفاعية أكثر فاعلية من التفكير في الموت، إن البداية بأول تموج عنيف
لمشاعر الشهوة التي تغمر ما عداها من مشاعر، ولهذا تنسى تلك الاعتبارات الكئيبة عن
القضاء والقدر المختزنة بسبب ذواتنا غير المتواصلة ومن ثم وفيما وراء نشوة الشباب،
نحقق القوة لننظر إلى الموت وجهًا لوجه، ولندرك في الموت، الطريق نحو التواصلية
المجهولة وغير المبررة هذا الطريق هو سرّ الشهوة، والشهوة وحدها هي التي تستطيع
الكشف عنه.
إذن هذه السلسلة من
الأفكار قد نتجت عن قرب دلالة الجملة المقتبسة بالفعل فسوف تكون واضحة جدًا في ضوء
واحدية الأشكال المتنوعة في الشهوة "لا يوجد طريق أفضل لمعرفة الموت في ربطه
بمخبلة فاسقة" ما قلته يخوِّل لنا أن ندرك في هذه الكلمات وحدة مجال الشبق
الذي ينفتح لنا من خلال وعي رافض لمحاصرة أنفسنا داخل شخصياتنا الفردية، إن الشهوة
تفتح الطريق إلى الموت والموت يفتح الطريق إلى إنكار حيواتنا الفردية هل، بدون
ممارسة العنف على ذواتنا الداخلية نملك القدرة على احتمال عدم يحملنا إلى مجموعة
أبعد من الاحتمالات؟
نهاية؛ أحب أن
أساعدكم لتدركوا تمامًا أن النقطة التي جلتكم إليها، وبرغم غرابتها المترامية من
حين إلى آخر فهي مع ذلك إلتقاء الطرق للنبضات العنيفة في القلب الفعلي للأشياء.
لقد تحدثت عن الخبرة
الصوفية، وليس عن الشعر، لم أكن أستطيع الكلام عن الشعر، بدون اقتحام متاهة ثقافية
فكلنا يعرف ما هو الشعر. إن الشعر هو أحد أحجار أساساتنا لكننا لا نستطيع الكلام
عنه. ولن أتكلم عنه الآن لكن؛ أعتقد أنني أستطيع أن أجعل أفكاري عن التواصلية أكثر
تهيئة للحس، أفكار ليست معرّفة كلية بالمفهوم اللاهوتي عن الله، عن طريق تذكيركم
بأحد أكثر الشعراء عنفًا-رامبو.
المصدر: جورج باتاي، التحليل الفينومينولوجي للرغبة الجنسية، ترجمة غادة
الحلواني، مجلة إبداع المصرية، العدد 9، سبتمبر 1997، ص113-122.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق