الاثنين، 2 سبتمبر 2013

الموت والرغبة، الرغبة كتجل وجودي للموت والعدم عند جورج باطاي: عمر مهيبل


كان الموت بنفسه مدعوا للحفل، لأن عري الماخور يستدعي سكين الجزار..

في ساحة فكرية متحركة تزخر بالمبدعين والفلاسفة والمفكرين الكبار، من برجسون BERGSON الى جانكيليفيتش JANKELIVITCH ومن سارتر J.P SARTRE الى ميرلوبونتي M. MERLEAU PONTY من ليفي ستروس LEVIS- STRAUSS الى فوكو M. FOUCAULT، تمكن جورج باطاي(*) من أن يرسم طريقا متميزا ضمن الخارطة الابداعية الفرنسية، فقد تحاور مع الهيجيليين وبخاصة مع استاذه الكسندر كوجيف A.KOJEV الذي كان يحضر محاضراته بانتظام في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا (E.P.H.E) حيث أعجب به أشدّ الاعجاب.

ويبدو ذلك جليا في المراسلات التي جرت بينهما، ومن خلال التقديم الذي كتبه كوجيف لطبعة الاعمال الكاملة لجورج باطاي، وعلى الرغم من الاختلاف المبدئي بينهما بتأكيد كوجيف على ان العقل هو المحرك المحوري لكل فاعلية انسانية وتأكيد باطاي على دور غريزة الأيروس في رسم الخطوط الأساسية لشخصية الكائن الإنساني في تجلياتها المختلفة، إلا أن حوارا متميزا قام بينهما كانت سمته الأهم الاحترام والاعتراف المتبادل. بالاضافة الى الهيجيليين تحاور باطاي مع الوجودين وعلى رأسهم جان بول سارتر لكنه حوار يظهر طبيعة العلاقة المتوترة التي كانت سائدة بينهما لسنين طويلة لأسباب لم تكن فلسفية دائما، إذ كان لمزاجهما الشخصي وصراعهما على ريادة الساحة الثقافية الفرنسية في اربعينات وخمسينات القرن الماضي دور في ذلك. والحقيقة أن سارتر كان سبّاقا الى هذه الشهرة فعندما أصدر باطاي كتابه الهام "التجربة الباطنية" سنة 1934 كان اسم سارتر يُذكر بوصفه أحد أهم محركي الفعل الفلسفي الفرنسي في تلك المرحلة، مع ذلك فقد كان ردّه حول الكتاب عنيفا لا مجاملة فيه وهذا شأن سارتر مع كل الوافدين الجدد الذين كان يخشى على مكانته منهم: فوكو، لاكان j.lacan، باطاي، دولوز G.DELEUZE بل وحتى موريس ميرلوبونتي.
لقد كانت علاقة سارتر بباطاي كما يرى فرنسيس مارماند F. MARMANDE مؤلف كتاب "باطاي السياسي" .. (BATAILLEPOLIUOUE) هذه المرة مع البنيويين ومع المحلل النفساني جاك لاكان بالضبط، ومع انهما متقاربان شكلا من حيث إن موضوعهما المشترك هو دراسة الانسان في مستوى الأحاسيس والرغبات إلا أن اللقاء بينهما لا يتجاوز الشكل. فالمضمون بقي سجالا بينهما وان لم يمتد لفترة طويلة بسبب وفاة باطاي في بداية الستينات وهي المرحلة التي عرفت فيها كتابات لاكان ازدهارا واسعا منذ كتابه الأهم "كتابات Ecrits" الذي نُشر في سنة 1966 أي بعد وفاة باطاي على أن علاقات باطاي لم تقتصر على هؤلاء, بل كانت تربطه صداقات متينة بشخصيات متناقضة أحيانا، فمن الاثنوجرافي "مارسيل موس M. MAUSS"، الى الفيلسوف "هيدجر HEIDEGGER" الى الرسام "بابلوبيكاسو P. PICASSO" الى الكاتب "ميشال ليريس M. LEIRIS" وغيرهم نسج شبكة من العلاقات المتداخلة شخصيا، معرفيا وسياسيا واجتماعيا نجد لها امتدادات وتشخيصات واضحة في مشروعه الابداعي الذي ذهب ولم يكمل لمساته الأخيرة، بالاضافة الى ترحاله الدائم داخل فرنسا -وخارجها أحيانا-.
إن تجربة جورج باطاي الابداعية كانت فريدة وغنية بل ومملّة أحيانا فهي تتأرجح بين الذاتي والموضوعي، بين الحياة والموت في أجواء جدليّة رائعة قلّ نظيرها في الفكر الفرنسي المعاصر مع أنّها تجد لها تلامسات مع أجواء المركيز دوصاد وموريس بلانشو M. BLACHOPT وأرتو .A. ARTAUD

جدل الذاتي- الموضوعي

إن المتأمّل في كتب جورج باطاي الأساسية "دموع ايروس" و"التجربة الباطنية" و"السيدة ادواردا" يقف مشدوها حول طبيعة الحدود بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي (بمعنى خارج الذات) في كتاباته، فما أن تطمئن برهة الى أنها عبارة عن وصف لتجربته الذاتية أو الشخصية في هذه النقطة أو تلك حتى تفاجأ بانقلابه عليك وبخروجه من منطق السرد الذاتي الى التحليل الموضوعي سواء تعلّق ذلك بالموت أو بالرغبة أو بالحدود أو "التخوم"، كما يحلو له تسميتها، كل هذا يتم ضمن أجواء تعيدك مرة إلى عبق فن العشق الشرقيّ ومرة الى واقعية الغرب وجنسانيته حتى أن القارئ يتعذّر عليه وضع حدود منهجية واضحة بين الاسقاط والتحليل بين الردّ والنقد وهذا في حدّ ذاته سرّ من أسرار باطاي التي قال بصددها في احدى مقابلاته بانه يحتفظ بها لنفسه.

جدل الرغبة والموت

"المفارقة الظاهرية" الثانية التي تشد انتباهنا بقوة عند تأملنا كتابات باطاي هي ذلك التداخل الرهيب بين مفهومين متناقضين هما: الرغبة والموت، فالرغبة في أدبيات التحليل النفسي ما هي الا تجلّ من تجليات سياق أشمل وهو غريزة "الايروس" أو الحب ومن ثم تكون هذه الغريزة التي تعبّر عن حيوية الكائن الانساني واندفاعه غريزة الأمل والحياة والتجدد، في الوقت الذي تتموقع فيه غريزة الموت التي تسمى ثناتوس THANATOS في الجهة المتناقضة يوصفها تعبيرا عن العدمية والسوداوية، لكن باطاي هو رجل المستحيل، بل المستحيلات، كما يصفه صديقه الحميم ميشيل ليريس في مقال شهير له بعد وفاته، اذ يرى أنه بعد أن كان الرجل المستحيل المفتون بما كان يتيسر له اكتشافه من الأمور الأكثر استعصاء على القبول ها هو يوسع رؤيته (انطلاقا من فكرته القديمة بتجاوزٍ لا يقولها طفل وهو يضرب الأرض بقدميه) ولأنه يعرف أن الإنسان لا يكون إنسانا كامل الإنسانية إلا إذا بحث عن أبعاده خارج أي مقياس فانه جعل من نفسه انسان المستحيل المتعطش إلى بلوغ النقطة التي يختلط حينها الرفيع بالمبتذل، وأين تلغى المسافة بين الكل واللاشيء كما في الدوّار الديونيزوسي(1)(*) فما هو هذا المستحيل الذي تحول هو نفسه إلى مستحيل؟ وما هي أجواء هذا المستحيل؟ إن المستحيل الذي يرمز إليه هنا ميشيل ليريس هو ذلك المستحيل الذي يحيل في المقام الأول الى أجواء المؤلف الفاحش الذي يُعدُّ بمثابة الاستمرارية الطبيعية لأدب الفاحشة كما تطوّر في الغرب وبخاصة على يد مواطنه ذائع الصيت، غريب الأطوار المركيز دوصاد MARQUISE DE SADE وكذلك أيضا المستحيل الذي ينقلنا بعنف الى أجواء نيتشه السوداوية المنفتحة على كل ما يحيل الى العدمية والانسلاخ من المعيوش للغوص في عوالم زرادشت التي يتحول فيها الفكر والفلسفة إلى تعاليم، بل الى أناشيد، يتحتم على من يسعى إلى الحقيقة الى حفظها ليحطّم ذاته بذاته على وقع موسيقاها السحرية، لقد اكتشف باطاي نيتشه في سن مبكرة الأمر الذي كان له أكبر الأثر في تشكيل نظرته الى المقدس، ونقده لنظرة المسيحية اليه انطلاقا مما ورد في كتابه "جنيالوجيا الأخلاق" الذي وجّه فيه نيتشه نقدا لاذعا للأخلاق المسيحية المستندة إلى مفهوم فضفاض عن المقدس وعن الألوهية أيضا، ذلك أن انتهاك حدود المقدس لا يعني استقالة الذات او اذعانها لسلطة غير المقدس، بل يعني انعتاقها وطريقها الأقرب الى السيادة الحقّة على مصيرها، مصير يجد له تداخلات غير منظمة مع مصير الكائن عند هيدجر الذي لا يتحقق بشكل أصيل إلا في عدمه، وهنا يدخل هيدجر طرفا فاعلا في المعادلة القائمة: باطاي في طرف ونيتشه كطرف أقصى فتصير: باطاي- هيدجر- نيتشه بحيث يتحول هيدجر إلى حد أوسط ينظم طرفي هذه المعادلة الحدّية ويمنعها من الانفجار، ومع انغماس هيدجر في تحليلاته الانطولوجية حول الكينونة ودعامتها الأساسية الكائن أو بالأحرى الكائن- هنا (الدازين) يتوجه باطاي- مقتفيا في ذلك أثر نيتشه- الى تحليل مفهوم إرادة القوة بوصفها مجاوزة الذات لذاتها بمعنى من المعاني، ومن حيث أن إرادة القوة هي تأسيس كلّ ما هو معرفة ضد السلطة، كلّ سلطة، بما فيها المقدس بما أنّه سلطة، وفي اللحظة ذاتها التي يقوم فيها باطاي بموضعة المقدس ضمن أفقه غير المؤلّه يتجه في الوقت ذاته الى البحث عن الذاتية المتفردة المنتهكة لذاتها في تجربة الايروس، وتدنيس المقدس هو بلا ريب أنموذج "الانتهاك" إلا أن المفارقة هنا أنه لم يبق في الحداثة -وهي حلقة مهمّة في تطوّر الانسانية- ما يُنتهك، لذا يلجأ باطاي الى بلورة صلة داخلية بين الأفق الذي تحمله التجربة الجنسية والاسقاطات المنبثقة عن هذه التجربة، وهذا كما يقول فوكو "لا لأنها مضامين جديدة لحركات سحيقة القدم، بل لأنها تجيز التدنيس دون موضوع تدنيس خاو منطو على نفسه لا تتوجه أدواته إلا الى ذاتها."(2) 
إن تحليلات باطاي حول الحداثة تحليلات شاقة ومعقدة، إن لم نقل متناقضة، فهو وإن كان يعترف كبقية المثقفين "الثوريين" الفرنسيين والغربيين اجمالا بمزايا الحداثة وأهميتها في إعادة بناء النسيج الاجتماعي للغرب انطلاقا من تصورات عقلية نقدية صارمة مكتفية بذاتها ولا تسمح لعناصر أخرى (ايديولوجية- دينية- ميتافيزيقية) بدخول ساحتها، فإن تشخيصه لهذه الحداثة ولكيفية انبنائها وتطويرها يختلف عنهم اختلافا بينا، اذ يرى أن تحليل مفهوم الرغبة لابد وان يحيلنا الى تحليل مفهوم الحداثة إذ أنه، وان لم يكن مبحثا جديدا، إلا ان طريقة طرحه تمت بكلّ تشويق وإثارة في المرحلة الحديثة، ومن هنا جاء التلازم بين المفهومين. ينطلق باطاي في تحديده لمفهوم الحداثة من نقطة انطلاق أولانية وهي إعادة تثمين العناصر الاجتماعية المؤثرة في التفاعلات الاجتماعية المختلفة وبخاصة عنصرين اثنين هما: التنافر والتجانس بالاستناد إلى خلفية نظرية مؤداها أن إشكالية الحداثة برمّتها إنما هي مناقشة لهذه المسألة، ذلك أن الحداثة بالنسبة لباطاي تبدو وكأنها مضغوطة داخل تاريخ للعقل يبدو بدوره وكأنه مجرد مسرح تتجابه فيه بضراوة قوى السيادة وقوى العمل وتاريخ عقل ينطلق من البدايات القديمة للمجتمع المقدس لينتهي في عالم الاقتصاد الآلي، بل المتطرف في آليته(3)، ومن انفصال العناصر المتنافرة عن العناصر المتجانسة يعاد تشكيل الأفق المعرفي الاجتماعي الحدّي بإقامة توازن جديد بين العام والخاص، بين المساواة الاجتماعية التي تفرض بالضرورة نوعا من الضبط الجماعي وبين الحرية الفردية وأهمها الرغبة، أي ضرورة أن يلبّي الإنسان رغبته بمعزل عن كلّ ما يقمعها ويكتمها وهذا في حدّ ذاته رفض للعقلنة التي أمسكت بخناق الحياة الغربية في كلّ مظاهرها حتى أن هوركهامير، ومن منطلقه النقدي الكاره للفاشية، يرى أن هذه الفاشية ما هي الا مظهر من مظاهر العقلانية المغالية في الغرب، أي العقلنة التي أدت الى اللاعقلنة، وفي هذا المعنى يقول: "في الفاشية الحديثة، بلغت العقلنة حدّا لم تعد تكتفي معه بمجرد قمع الطبيعة بل أن العقلنة فيها صارت تستغل الطبيعة وذلك باستيعاب قوى التمرّد المحتملة في هذه الطبيعة ضمن نظامها الخاص."(4)
لقد كانت كتابات باطاي بمثابة طقوس معقدة وقاسية تستعيد بشعائرية مملة تصف أدقّ دقائق التجربة الباطنية للانسان الكفيلة وحدها بإبراز التخوم والحدود المتموقعة داخلها، وهذا ما جعله يكتشف هذه القساوة في سن مبكرة من خلال محاولة الانتحار التي أقدم عليها بغية تذوق "طعم" الموت تدريجيا بما أنه لا مناص منه في النهاية وفي النهاية، وقبل ذلك في البداية لا يبقى لنا من وسيلة لتقمّص هذه القساوة سوى الكتابة، صحيح أنها لا تكشف كل أسرار الكائن لكنها تبقى الوسيلة الأنجع لاختراق مكنوناته الباطنية الدفينة، ولاظهار الجسد الميت والجسد العاري بالمرّة لتصوير عنف الموت والارتواء الجنسي وكلاهما تعبير عن الافراط أو شكل من أشكال التطرّف الشعائري بوصفه تعبيرا عن انتهاك الحدود الموضوعية في التفريد، فازدراء الوجودات المتفرّدة كانت من بين المعايير الأقدم التي استعين بها لمحاربة الحيوية المفرطة والحد من اندفاع المتعة التي تضمن امتلاء الحياة واستمرار وجودها وهذا ما يعبر عنه باطاي بقوله: "اذا ما رأينا في المحرمات الأساسية، الرفض الذي يضع الكائن في مواجهة الطبيعة بحيث ينظر إليها على أنها نوع مفرط من الطاقات الحية وعربدة الافناء، فإنه لن يظلّ بإمكاننا التمييز بين الموت والجنسانية، فالجنسانية والموت ما هما إلا لحظتان حادثتان لعيد تحتفل فيه الطبيعة مع الكثرة التي لا تستنفذ للكائنات "المفردة" فكل منها يحمل معنى الهدر اللامحدود حيث تعمل هذه الطبيعة ضد ديمومة الرغبة الخاصة بكل كائن."(5) 
على ان باطاي، وفي مستوى متقدم من التحليل، يسعى الى بلورة مقاربة جديدة مؤداها أن الأسس المعيارية للحياة الاجتماعية تظلّ مستعصية على الفهم إذا اقتصرنا في تفسيرها على تحليل مفهوم الفاعلية او النشاط الاجتماعي كنقطة انطلاق أولانية لمعرفتها، وبمعنى آخر اذا ما بقينا ضمن منظور وظيفي بحت، بيان ذلك انه يستحيل تبيان المصدر الذي تستمد منه المحرمات مثلا قوة الزامها وميكانيزمات عملها، وكيفية انتقائها للمعايير وترتيبها. وقد كان "دوركهايم DURKHEIM" سباقا في الاشارة الى أن مصداقية المعيار- أي المعيار الاجماعي- وأهميته لا يمكن التأكد منهما او اسنادهما تجريبيا الى العقوبات التي تؤدي إليها المحرمات من خلال مواصفات خارجية، أو بالاستناد الى مؤثرات غير بنيوية وهذا اعتقاد منه بان قوة الزام المعايير إنما تصدر بشكل أساسي عن سلطة مرجع مقدس لا نستطيع تلمّسه والاقتراب منه الا شعوريا، مثل الشعور بالخوف أو الرهبة أو الشعور بالسعادة والفرح، هذه الأحاسيس المختلفة عند دوركهايم تتحول عند باطاي الى تثمين للتجربة الفنية الباطنية التي يسعى الى إخراجها جماليا في مختلف مؤلفاته، فالفن يؤسس نسبة المعايير بل ويعمل على انتهاكها في تجربة المحرّم والتجربة الفنية عنده تتأسّس في انتهاك المقدس حيث تتداخل مشاعر متناقضة- متداخلة، مشاعر القلق والنفور والهلع والسعادة الديونيزوسية فالمعيار ومن ثم القانون لم يوجد الا ليُنتهك فهناك علاقة أبدية بينهما وهي "الانتهاك" ذلك أن التجربة الجنسانية الداخلية عند باطاي تتطلب من صاحبها حساسية للقلق المؤسس للمحرم ليست أقل شأنا من الرغبة التي تؤدي إلى مخالفته، هذه الحساسية الدينية التي تربط بشكل وثيق ودائم بين الرغبة والهلع، بين اللغة الشديدة وبين القلق(6) ولا يقف باطاي عند هذا المستوى من تحليله لعملية انتهاك المقدس، بل إنه ينتقل من المجال الديني إلى المجال الأخلاقي أيضا على خلفية ترابط المجالين وتداخلهما تداخلا يفصل الحدود بينهما أحيانا، فقد انتقل إلى نقد الأخلاق ذات التوجه "الفيبيري" الذي يبحث في انتشار الدين- بدءا من الطقوس الوثنية القديمة إلى الأديان السماوية، من التوحيد اليهودي حتى البروتستانتية-بوصفه تجليا مهما في درب العقلنة الاخلاقية وما "لوثر" و"كالفين" إلا مثال حي على كيفية اكتساب التعاليم والمقولات الدينية لشكل أخلاقي مرن تميزه مسحة عقلية واضحة.
لقد ركزنا في الفقرات السابقة على رسم الصورة الخارجية لشكل الكتابة "الايروسية" عند جورج باطاي، وبموقعها داخل محيطها الثقافي والاجتماعي الذي انتجت داخله، لذا سنحاول الآن الغوص في البنية الداخلية للايروسية أو لمفهوم الرغبة كما بلوره في كتبه المختلفة وبخاصة في "التجربة الباطنية" و"الايروسية" أو الشبقية و"السيدة ادوردا" و"دموع ايروس" وقد لا نجد كمدخل لهذه المقاربة- أحسن من تلك الصورة- الاشكالية لامرأة عارية الجسد مغطاة الرأس بقناع من الجلد- بايحاء من الانثروبولوجي "سيبروك Seabrook" والتي تظهر مدى التداخل الموجود بين البحث الميداني الانثروبولوجي الذي يفترض فيه الحد الأدنى من التفسير والموضوعية، وبين التجربة الايروسية كتجربة شخصية محكومة بظروفها وأشخاصها، هذا التداخل يصبح "صلة سرية" بين البعدين، فالصورة -الإشكال تقلب العلاقة العادية في الايروسية كما يرى باطاي، فالجسد عادة مغطى بالثياب والرأس هو العاري، وعندما تنقلب الصورة تتحول المرأة مكمن الرغبة الفطرية الى صيرورة طبيعية وحيوانية، ذلك أن الرأس المغطى يفضي إلى العلاقة المميزة في سحر المرأة بحيث تصير جزءا من الطبيعة بقوانينها العمياء التي لا روح فيها ولا شخصية.(7)
إن تداخل العام مع الخاص أو تداخل الانثروبولوجي مع الايروسي في عملية تحليلنا لمفهوم الرغبة ليس معناه إيحاء تعجيزيا إضافيا بإفلات هذه المسألة من أي تحليل أو دراسة ولكنه إقرار ضمني بتعقدها وتشابكها بحيث لا تُفهم إلا هكذا في هذا الاطار العلائقي المتشابك، ولعلّ المشهد الذي يقدّمه لنا باطاي في "السيدة ادوردا" يختصر بجمالية فائقة هذه العلاقة المتشابكة، هذا المشهد يصوّر رجلا وامرأة وقد التحما بجسديهما بعنف حيواني داخل سيارة قرب المحطة في جو يلفه الظلام والصقيع وفي ركن منزو جلس أحدهم يراقب في اندهاش مسرحية الظلال والحمى والأجساد المرتعشة باتقان، إنه يبحث في هذا المشهد عن النفاذ الى سر هذه التراجيديا الانسانية التي يرى فيها غيره مجرد مشهد جنسي مثير، ويجول ببصره ما بين الحركات المثيرة ويخترق به القناع الفاجع للذة وقد لمح ما يستعصي على النظر، لمح جرحا غائرا هو جرح الكينونة وقد اخترقه بخنجره فاتحا أمامه منفذا مباشرا على العدم ليستقرّ هناك، إن هذا المشهد في الواقع هو موضوع أشكلة من مواقع شتى، إذ بالإضافة الى الأشكلة سالفة الذكر والمتمحورة حول علاقة الذاتي بالموضوعي الخارجي أي موقع الرغبة كمعطى ذاتي داخل محيطها الاجتماعي وكيف ينظر اليها هي أيضا، هناك أشكلة هامة أخرى هي علاقة الرغبة كتجل وجودي بالموت، وهذا ما حاول أن يصوره في قصة "السيدة ادوردا" من خلال أسطورة الأجساد المتحابة والذوات المعطاءة حتى التلاشي، فهناك موت في الحب والعطاء، وهناك "حب" نوستالجي في رغبة الاندثار والموت، فالجسمان المتعانقان في المشهد يعيشان موتهما: فالعشق هو الموت المرسوم في النظرة العابرة لتلك المرأة حين تستلقي اللذة في فتور هي تضاجع العقل المتأني للعدم، لكن الشاهد المندهش أمام مشهد العشق ما يلبث أن يستعيد وعيه بالشرّ الكامن فيما يجري أمامه ويدخل طرفا في المعادلة بقوله، "في تلك اللحظة كنت أعلم انه عائد من المستحيل ورأيتها مستقرة في أعماق ذاتها، جامدة جمود الخائر المتعب، رأيت الحب جثة مدفونة في مقلتيها يعلوهما برد وصقيع كبرد الصباح، ويفصحان عن شفافية تكشف لي حضور الموت، فالكلّ كان نسيجا متداخلا في هذه النظرة: الأجساد العارية, ارتعاشة الألم الذي يخترقني، وذكرى الرضاب المتدفق من الشفاه، فقد كانت كل العناصر متضافرة ومتآزرة فيما بينها لتشرف وتتدحرج تدحرجا أعمى نحو العدم"(8) ومع كثرة الاسئلة والتداخلات والتناقضات أحيانا هناك حقيقة أساسية وهي أن الموت يقبع في قلب الحياة-أو هو ضرب من ضروب الوجود بتعبير هيدجر- ويكون أكثر تجليا كلّما حصلت تلك اللحظات الفريدة التي تتيحها تجربة الحب والعشق.
لقد أحس باطاي وبفردانية مطلقة، أهمية هذه الحقيقة الوحيدة والقاسية التي هي الموت، والتي تتضمن حقيقة أقصى وهي أن اللغة العادية تقف عاجزة عن إعطاء أي تفسيرات او مدلولات حولها لذا نجده قد سخر، ولفترة طويلة من حياته العملية، جهودا مضنية لتحسيسنا بهذه التجربة -تجربة الموت- ولو بطريقة إيجابية وغير مباشرة ما دامت اللغة، أداة التواصل الأولى بين البشر، عاجزة على إيصالها وأدائها إن الموت بالنسبة لباطاي -والرغبة أيضا بما أنهما وجهان لعملة واحدة- بلا شكل وبلا لون فهو يقبع في كل شكل، ويتلون بكل لون، وهو في الحرب والسلم في الانتشاء وفي التعذيب، لكنه مع ذلك يحترز من أن يصنف ضمن فلاسفة العدم ومنظري الموت وهم عادة الفلاسفة الوجوديون-خاصة إن علاقته مع سارتر لم تكن على ما يرام  إطلاقا- فتجربة الموت عنده لا تقوم على الوعي واللغة والتواصل وإنما هي تجربة تتأسس على الحدود القصوى أو التخوم، تجربة تختلط فيها السبل وتنعدم فيها الفواصل بين الموت والحياة، بين المتعة والشقاء، كما أن تجربة الموت لا تُختبر إلا عبر طرق قصوى وقاسية قساوة الموت، وهي تختصر في طريقين أساسيين: طريق الانتشاء وطريق اللذة المعبرين في الأصل عن ظاهرة واحدة لها وجهان: اللامحدودية والمطلقية، طريقة الانتشاء ويتبعها المتصوفة(***)، في حين أن طريقة اللذة يتبعها العشّاق. وبعيدا عن الهدف النهائي الذي تسعى إليه كلّ تجربة منفردة، فإن ما يُغري باجراء هذه المقارنة النسبية بينهما هو أن كلتا التجربتين تبتغي التلاشي والاضمحلال للوصول الى المبتغى، وتنزعان نزوعا قويا الى تدليل التخوم القائمة بين المحدود واللامحدود، بين المتعين واللامتعين وبالمرّة بين الممكن واللامستحيل حتى تصل في النهاية الى ذلك التناقض الصارخ الذي تصبح فيه الذات والموضوع شيئا واحدا، فالحياة تحيل إلى الموت والموت بدوره يحيل إلى الحياة وهكذا، إذ لا مكان هنا إطلاقا "للبينية" إن التجلي الأكبر هو "الوحدانية" أو "الحلولية"، هذا الاندفاع التوحيدي يتم عبر ما يسميه باطاي "العنف الداخلي" الذي يفسره بأنّه نزوع كينونة نحو الخروج عن ذاتها وكأنّها تطرد ذاتها من مكان تواجد ذاتها لترقب اندثارها وهي تتهاوى في غياهب العدم(9) على أن باطاي، وعلى الرغم من المقاربة بين التجربتين والمماثلة، بينهما، الا أنه يميل في النهاية الى تبني تجربة العشق واللذة على حساب التجربة الصوفية، فتجربة العشق في منظوره أكثر أصالة وتعبيرا عن حقيقة الكائن الباطنية، في حين يرى أن تجربة الصوفية ما هي في النهاية الا التعبير الأمثل عن المنزع الديني واللاهوتي للكائن، حتى أن تجربة الفراغ التي تدعيها هذه الطريقة بادعائها الحلول في الذات الإلهية والالتحام بها والتواصل معها ما هي إلا تجربة مفتعلة يعرف مدعيها صيرورتها بشكل مسبق. عكس ذلك نجد أن تجربة العشق أو الحب تجربة واقعية بكل بساطة، وتجربة نستطيع ملاحظتها والتأكّد منها ميدانيا وبالطريقة التي نريدها، ذلك أن شخوصها هم فعلا موجودون أمامنا من لحم ودم وعظم يخوضون تجربتهم بكل رغبة حيّة مادية ملموسة تبدو آثارها للعيان عبر عنفها القاتل الماثل أمامنا كحقيقة لا تحتمل فهي، أي تجربة العشق، تقيم علاقة مضاعفة مع الموت علاقة داخلية عنوانها صوت الذات التي تخوض التجربة وعلاقة خارجية عنوانها موت الآخر او الفريق المشارك في التجربة ومن اتحاد الشريكين يحدث انهيار الوعي وتبدأ لحظة الموت.

إن تجربة العشق أو الحب كما يصورها باطاي في قصة "السيدة ادوردا" من خلال التحام الرجل والمرأة في المشهد السابق إنما تفصح عن تلك اللحظة الحاسمة التي يعانق فيها الوعي المستحيل، والتي لا يمكن لأي لغة أن تستوعبها أو أن تعبّر عنها تعبيرا دلاليا واضحا، إنها لحظة "الاستشراق الكلي" التي لا يمكن لأي لغز أو طلسم أن يصمد أمام أريجها ولمعان بريقها، لحظة تعود بالانسان الى منابعه الفطرية الأولى بحدودها، وأطرافها الأمر الذي يقوده حتما الى وعي جوهره التراجيدي بكل متناقضاته التي تسكنه والتي لا سبيل الى الشفاء منها إلا سبيل الموت. ومع أن سبيل الموت قد لا يوفر الشفاء الأمثل إلا أنّه يقدّم العزاء السلس للباحث عن الانشطار والتلاشي. ثم إن تجربة العشق لا تخضع لمقاييس العقل والاستدلال المنطقي وإنما تخضع لمقياس الفطرية والتلقائية حتى لا نقول الغريزة بتعبير "فرويد"، كما أن منهجية الكشف عنها تتجاوز المنهجية الاستقرائية القياسية لتغوص الى أبعد حدود الكشف والاستبطان والتجذر، وهذا ما يعبر عنه باطاي بقوله: "إن النزوع الجنسي إذا تحكم بالمرء دفعته رغبة ملحة نحو الموت والافتتان به، إذ ما إن يبلغ المرء هذه المرحلة القصوى حتى يسير راغبا في التلاشي مندفعا نحو الموت لا يبتغي إلا الاندثار والاضمحلال، أي التوحد لمجاوزة وضعية الانقسام والتناقض والانشطار التي فرضتها عليه الحياة، وهذا ما يفسر لماذا تبقى تلك الطاقات الغريزية المتوحشة في حالة توثب مستمر تتحين الفرص لتنطلق من عقالها."(10) بمعنى آخر إن تجربة اللذة والجنس تساعدان الإنسان على استعادة آلامه القديمة القابعة في أعماقه السحيقة فتستيقظ غرائزه التي طمرها الكبت عبر الحقب التاريخية المتعاقبة وتستعيد نشاطها وحيويتها من هنا وجب العمل على تحطيم كل أنواع الاغتراب والضغوطات التي شكلت ذواتنا التاريخية وصاغتها ضمن قوالب نسقية جاهزة، وعليه فلنخل المجال للعنف حتى يتدفق سيله الجارف بكل حرية، فطاقته هي الطاقة الوحيدة القادرة على تكسير الحواجز والسدود مكانيا وإبطال كل النواميس العقلية والخلقية معرفيا، وفي معركته من اجل أن تستعيد الذات "اللذية" كلّ عنفوانها وصخبها واندفاعها، ومن أن تدفع بالوعي الى مناطق الفوضى التي ينتفي وجوده عند تخومها يتوصل باطاي الى نتيجة مفصلية مفادها أن تجربة العشق أو الجنس تجربة أنطولوجية في أساسها فعبرها فقط يتقولب وعي الإنسان حسيا وماديا بالحدود التي تتحكم بذاته ومحيطه، وعبرها أيضا ينفذ الى حالة من التوحد مع ذاته، توحّد مؤقت يشبه ذلك التوحّد الذي يحققه الفناء بالموت.
هذا وإن كان يأخذ ابعادا شبه متداخلة مع نظرة المركيز دوصاد(****) للمتعة والجنس والموت, إلا أنهما يفترقان في المسار النهائي الذي تسلكه كل تجربة, إذ يرى باطاي أن نظرة دوصاد الى الجنس والعشق نظرة سطحية, إن لم نقل غريبة او غير طبيعية, فشخوصه, وان تعددت مواقع تواجدها, ترزح تحت التعذيب, وتقدم على الانتحار بنوع من اللذة الصوفية فلذتها تختصر في موتها.
وهذا يؤدي الى القول أيضا بأنه ينفي الحياة بالموت فيبقى التناقض ماثلا بينهما وبأنه ينقض في النهاية الناموس الذي يتحكم بصيرورة التجربة الجنسية برمتها، كل هذا يؤدي بجورج باطاي الى رفض نظرة دوصاد هذه انطلاقا من أن تجربة الحب (والعشق والجنس) وإن كانت تضع الموت ضمن أفقها، فإنها لا تدركه فالموت بالنسبة لباطاي-وعلى عكس دوصاد- هو دائما نوع من الاختيار لمحدودية الكائن ووعي بجوهره ومجاوزة لانفصامه بحيث يصبح رائد الحياة وبموجبها ينير سبل الفعل الانساني دون أن يصبح مثلا أعلى للحياة وهنا مكمن المفارقة الأصلية في طبيعة هذه العلاقة التكاملية المتوترة بين الموت والحياة، والموت في الأخير ما هو إلا هذا اللاشيء الذي ينخر جوهر الوجود ليدفع بالحياة لكي تفرغ محتواها والطاقات المختزنة في صلبها في آفاق أرحب أي أنه يدفعها دفعا إلى الحركيّة والفعل بدل الانفعال كما هو الحال عند المركيز دوصاد ويخلص باطاي وبخاصة في كتابه "دموع ايروس" إلى أن تجربة الموت والعشق تقدّمان لنا كميتين متعادلتين من اللذة مع فارق طفيف لا يكتشفه إلا المتأنّي المطلع فتجربة العشق الجنسية تجربة تتولّد فيها اللذة من كون هذه الأخيرة مشارفة على تخوم الموت، ولكنها مشارفة أقرب الى الحلم أو الخيال منها الى الواقعية في حين أن تجربة التعذيب(*****) تلتحم فعليا وواقعيا مع الموت مجسدا، فتجربة العشق أو الحب يمكن تكرارها وإن اختلفت الظروف والمظاهر لكن تجربة الموت فريدة لا تتكرر، تجربة ميزتها الأساسية التفرّد والحدية.
إن الغوص في عوالم باطاي الرهيبة والمستحيلة غير مضمون النتائج، فهو مليء بالرموز والإيحاءات، ومليء بالمطبّات والمناطق المظلمة المنفتحة على كل الاحتمالات وهذا ما أخر في اعتقادنا الاهتمام بانتاجه الغزير- حتى في موطنه فرنسا- إلى بداية السبعينات، بل لنقل بداية الثمانينات. حيث بدا الاهتمام المتزايد به(******) خاصة وإن مسألة الجنس او الجنسانية في الغرب صارت تحتل موقعا استراتيجيا في فكر تلك المرحلة وهو ما ساعد في اعتقادنا على العودة الى الأصول لاستكشاف تحليلاتها ومنظومة تفكيرها المحورية، بالإضافة الى أن جورج باطاي ينفرد -على الأقل في نظرنا- بخاصية هامة وهي أنه استطاع أن يجعل من موضوع اللذة والرغبة موضوعا فلسفيا شائكا من خلال ربطه بموضوع شائك آخر وهو موضوع الموت، وهذا بعيد عن الاسقاطات الحسيّة التي قد يغري بها الموضوع، وقد يعود سبب ذلك الى مسألتين أساسيتين: الأولى وتتمثل في أن تكوين باطاي بالأساس تكوين فلسفي نظري ورثه من خلال مجالسته للكتب عبر سنين طويلة في المكتبات التي كان يشتغل بها، والثانية تعود إلى تأثر باطاي بالسوريالية كمذهب فني له طريقته ومسلكه في التعبير عن قضايا الإنسان المعقدة، وعلى العموم نستطيع القول إن أهم ما نستخلصه من تجربة باطاي هي أنها مغامرة تغري بالقراءة وهذا في حد ذاته أمر هام.

مصادر ومراجع

(1)   Michel Leiris: de Bataille l`impossible a` l`impossible
Document, in critique, hommage a` Georges
Bataille, NO 195- 196, 1963, P693.

(2) Michel Foucault: Preface a` la transgression, in critique No 195- 196 1963, P733

(3) Jurgen Habermas: Le descours philosophique de la modernite: douze

conferences, traduit de l`allemand par Christian bouchindhomme et

Rainer Rochl itz. Editions Gallimard, Paris 1988, P254.

(4) Max. Horkheiner: leclipse de la raison, traduction francaise d`apres

l`edition Americaine. (Eclipse of reason, New York, 1947) par Jacques

Debouziz, editions payort paris 1974, 1957.

(5) G. Bataille: l`erotisme, editions de Minuit, Paris, 1975, Res UGE

0181, in Ouevres comletes, tomex 1967, P64.

(6) G. Bataille: Ibid.P42.

(7)  M. Leiris: Caput Mortum ou la femme de l`alchimiste, In, documents

Mo8< 1930, Repris, in les cahiers du double, NO01 Paris, 1977.

(8)  G. Bataille: Madame Edouarda, editions J.J Pouvert Paris 1956

P.P70-71.

(9)  G. Bataille: Ouevres completes, editions Gallimard Paris 1970

(Voir l`experience interieure introduction).

(10) G. Bataille: les larmes d`eros, editions JJ pouvert, Paris, 1961 P16.


(*) جورج باطاي/ GEORGES BATAILLE ولد الفيلسوف جورج باطاي عام 1897 في بيوم "بوي دي دوم PUY DE DOME" وتوفي في باريس عام 1962 متأثرا بأعراض مرض السلّ، وهو من أهم الفلاسفة الفرنسيين المعاصرين، ومع أن اهتماماته كانت متعدّدة حيث توزعت بين النقد والشعر والصحافة، وبين علم النفس وعلم الاجتماع وفلسفة الجمال والموسيقى، إلّا أنّ مجال شهرته الأكبر هو دراسته وتحليله لمفهوم الرغبة حيث يلقب بفيلسوف الرغبة عن جدارة إذ يتميّز عن بعض الفلاسفة الذين بحثوا الموضوع مثل أرتو A.ARTAUD وبلانشو M. BLANCHOT وحتى المركيز دوصاد M. DESADE..
ترك باطاي موروثا كتابيّا كبيرا، فقد كان غزير الإنتاج على الرغم من أنه كان يقول بأنّه يكتب بيد ميتة، من أهم كتبه: "تاريخ العين" (HISTOIRE DE L`OEIL) (1928) الذي وصفه كوكيف بأنّه أحسن كتاب قرأه لا أقلّ ولا أكثر "السيدة ادوردا" (MADAME EDWARDA) (1940) "التجربة الباطنية" (L`exerience interieure) (1943) "المذنب" (Le` Coupable)) (1994) "الشبقية أو الايروسية" (L` Erotisme) (1957) و"دموع ايروس" (Les larmes d`eros) (1961)، وهو استكمال وتوسيع لما جاء في كتاب الشبقية واظهار للطابع المأساوي المتضمن فيها هذا بالإضافة إلى كتب ومقالات ومراسلات كثيرة لا مجال هنا لحصرها ومن يود الاطلاع عليها كاملة يمكنه الرجوع الى كتاب ميشال صوريا الذي يعد أهم مرجع حول حياة جورج باطاي ومؤلفاته:

Michel Surya/ Gorges bataille: La mort a` l`ceuvre. Librairie Segmer Paeis 1987
 (**) ديونيزوس DIONYSOS اوباخوس BCCHUS عند الرومان إله مشهور عند الإغريق القدامى وهو إله الكرمة والخمر ويرمز الى النشوة والفرح والمغمارة وكل ما يحيل الى اللذة في أقصى مداها وعكسه تماما نجد الإله أبولون APOLLON إله الحكمة.
 (***) استخدام كلمة المتصوفة أو "الصوفية" استخدام رمزي لا أكثر يرمي الى تثمين طريقة بحثهم عن اليقين المعرفي والإيمان بعيدا عما يقدمه لنا الواقع من ظواهر عارضة.
 (****) كتاب المركيز دوصاد الاهم في هذا المجال هو: "جوستين او مصائب الفضلية Justne ou les malheurs de la VERTU"
 (*****) في كتاب "دموع ايروس" يصور لنا باطاي مشهدا لرجل صيني يلاقي حتفه على يد جلاد يعذبه إلا أن ملامح الرجل، وعلى عكس ما هو متوقع لا تظهر أي اكتراث بذلك.
 (******) أنظر في هذا الصدد العدد الخاص بجورج باطاي من "المجلة الأدبية" Magazine Litteraire: Georges Bataille, No243 juin 1987

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق