الجمعة، 4 مارس 2016

أَيْرُوتِيكَا؛ مُتَوَاليَةٌ صَغِيرَةٌ عَلَى مَقَامٍ أَحْمَرَ مُمْتَدٍّ: يَانِيسْ رِيتْسُوسْ



ترجمة رَشِيدْ وَحْتِي 
                                                                   
                                                                
يَرْعَى بِضْعَةَ أَشْيَاءَ فِي رَوَابِي الصَّمْتِ

وُلِدَ ياَنيِسْ ريِتْسوُسْ Yannis Ritsos بِموُنِمْفاَسْياَ بِمَنْطَقَةِ الْبِلوُبوُّنيِزْ الْيوناَنِيَّةِ فِي الْفاَتِحِ مِنْ ماَيوُّ 1909. يَوْمُ ميِلَادٍ نُبوُئِيٌّ لِذاَكَ الَّذيِ سَيِصيِرُ أَهَمَّ مُثَقَّفيِ الْحِزْبِ الشُّيوُعِيِّ الْيوُناَنِيِّ. وَلَوْ أَنَّهُ يَنْتَسِبُ لِأُسْرَةٍ عَريِقَةٍ مِنْ مُلَّاكيِ الْأَراَضيِ، إِلَّا أَنَّهُ عاَشَ طُفوُلَةً تَعِيسَةً: وَفاَةُ الْأُمِّ وَالْأَخِ الْبِكْرِ، إِفْلَاسُ أَبٍ مُقاَمِرٍ وَإِيْداَعُهُ بِالْمِصَحَّةِ بَعْدَ اخْتِلَالٍ عَقْلِيٍّ، وَدُخوُلُهُ لِلْمِصَحَّةِ بِدَوْرِهِ فِي الثاَّمِنَةِ عَشْرَ مِنْ عُمْرِهِ، لِسَنَواَتٍ أَرْبَعِ، لِلِاسْتِشْفاَءِ مِنْ داَءِ السُّلِّ.
ياَنيِسْ ريِتْسوُسْ
ماَرَسَ مِهَنًا عَديِدَةً: أَمِينَ مَكْتَبَةٍ وَخَطاَّطاً. فِي بِداَيَةِ الثَّلَاثيِناَتِ، كاَنَتْ أُوْلىَ لِقاءاَتِهِ بِبَعْضِ مُثَقَّفيِ الْيَساَرِ وَقِراَءاَتُهُ الْمُبَكِّرَةُ [يَعْتَبِرُ ماَياَكوُفْسْكيِ أَهَمَّهاَ] داَفِعاً لَهُ كَيْ يَصيِرَ كاَتِباً فِي زُمْرَةِ الْمُحْتَجيِّنَ.
سَيُلَحِّنُ ميِكيِّسْ ثْيوُدوُراَكيِّسْ (Mikis Theodorakis)، رَفيِقُهُ فِي الدَّرْبِ، بَعْضاً مِنْ قَصاَئِدِهِ فِي أَلْحاَنَ سَيُغَنيِّهاَ الطَّلَبَةُ فِي انْتِفاَضاَتِهِمْ عَلىَ ديِكْتاَتوُرِيَّةِ الْكوُلوُنيِلَاتِ فِي 1973.

كَتَبَ أَغْلَبَ أَشْعاَرِهِ إِماَّ فِي السِّجْنِ أَوْ فِي الْمَنْفىَ. نَشَرَ دِيْواَنَهُ الْأَوَّلَ: جَرَّارَاتٌ [1930-1934، 1934](1)، مُتَأَثِّراً بِالْمُسْتَقْبَلِيَّةِ الروُّسِيَّةِ، لَدىَ ماَياَكوُفْسْكيِ خُصوُصاً. إِهْراَماَتٌ [1930-1935، 1935]. فِي 1936، دِيْواَنُ مَرْثَاةٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ دَعْوَةٌ لِلْعِصْياَنِ وَنِداَءٌ مِنْ أَجْلِ التَّساَمُحِ. وَماَ كاَنَ مِنْ نِظاَمِ الدِّكْتاَتوُرِ ميِتاَكْساَسْ إِلَّا أَنْ أَحْرَقَ نُسَخَ الدِّيْواَنِ فِي الساَّحَةِ الْعاَمَّةِ.
سَتَعْرِفُ قَصيِدَتُهُ، بَعْدَ ذاَكَ، زَخْماً غِناَئِياًّ وَجُنوُحاً نَحْوَ السُّرْياَلِيَّةِ [الْانْفِتاَحُ عَلىَ عاَلَمِ الْحُلْمِ، التَّداَعِياَّتُ الْغَريِبَةُ وَالْمُدْهِشَةُ، تَفْجيِرُ الصُّوَرِ]، مَعَ: نَشيِدُ أُخْتيِ [1936-1937، 1937]، سيِمْفوُنِيَّةُ الرَّبيِعِ [1938] الَّتيِ وَزَّعَهاَ ثْيوُدوُراَكيِّسْ موُسيِقِياًّ، مسيِرَةُ الْأُوْقْياَنوُسِ [1940]. فِي دِيْواَنِهِ ماَزوُرْكاَ عَتيِقَةٌ عَلىَ وَقْعِ الْمَطَرِ [1942]، يُهَيْمِنُ الْفَضاَءُ الْإِغْريِقِيُّ عَلىَ الْقَصيِدَةِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ. تَأْتيِ الْحَرْبُ الْكَوْنِيَّةُ الثاَّنِيَةُ فِي هَيْأَةِ حَرْبٍ أَهْلِيَّةٍ بِالْيوُناَنِ، فَيَنْخَرِطُ ريِتْسوُسْ فِي النِّضاَلِ ضِدَّ الْيَميِنِ الْفاَشِيِّ، فَيُعْتَقَلُ، لِيَتَلَقىَّ، عَلىَ مَدىَ أَرْبَعِ سَنَواَتٍ، وَيْلَاتِ التَّعْذيِبِ كَمُنْتَسِبٍ لِلْحِزْبِ الشُّيوُعِيِّ، فِي مُعَسْكَراَتِ "إِعاَدَةِ التَّرْبِيَّةِ"، لَكِنَّ ذَلِكَ لَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ مُواَصَلَةِ الْكِتاَبَةِ فَوْقَ لُفاَفاَتِ السَّجاَئِرِ وَمِزَقِ الْوَرَقِ الْمُخْتَلَسِ، وَهِيَ أَعْماَلٌ ضَمَّهاَ دِيْواَنُ مُجاَوَراَتُ الْعاَلَمِ [1949-1951]. يَنْشُرُ فِي 1954 دِيْواَنَهُ الْأَساَسِيَّ روُمْيوُسيِنيِ. فِي 1956، يَناَلُ جاَئِزَةَ الشِّعْرِ الْوَطَنِيَّةَ تَتْويِجاً لِدِيْواَنِهِ: سوُناَتاَ ضَوْءِ الْقَمَرِ.
بَيْنَ 1967 وَ1971، سَتَفْرِضُ عَلَيْهِ الطُّغْمَةُ الْعَسْكَرِيَّةُ التَّنَقُّلَ بَيْنَ سُجوُنٍ عَديِدَةٍ لِيَنْتَهِيَ بِهِ الْمَطاَفُ بِالْوَضْعِ رَهْنَ الْإِقاَمَةِ الْجَبْرِيَّةِ فِي جَزيِرَةِ ساَموُسْ. لَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ مُواَصَلَةِ الْكِتاَبَةِ.
فِي السِّتيِّنِيَّاتِ، تَغْتَرِفُ كِتاَباَتُهُ الشِّعْرِيَّةُ مِنَ الْأُسْطوُرَةِ الْإِغْريِقِيَّةِ: أَكَامِمْنوُنْ [1966-1970]، إِسْميِنَا [1966-1971]، عَوْدَةُ إِفِجيِنْيَا [1971-1972]. وَهِيَ قَصاَئِدُ مَسْرَحِيَّةٌ ذاَتُ لُغَةٍ شِعْرِيَّةٍ فاَتِنَةٍ وَشَفاَّفَةٍ، مُتْرَعَةٌ بِالتَّساَؤُلِ حَوْلَ الْحَرْبِ وَمَعْنىَ السُّلْطَةِ، مَعَ حُضوُرٍ قَوِيٍّ لِلْيوُناَنِ الْمُعاَصِرَةِ بِتَمَزُّقاَتِهاَ الْعَديِدَةِ عَبْرَ الْإِسْقَاطَاتِ التَّارِيخِيَّةِ. كِتاَبَةٌ تَتَداَخَلُ فيِهاَ الْأَزْمِنَةُ وَيَتْرُكُ فيِهاَ تَواَتُرُ الْأَحْداَثِ الْمَكاَنَ لِدَفَقِ التَّفْكيِرِ الشِّعْرِيِّ. بِمُواَزاَةٍ مَعَ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ الْفَريِدَةِ كَجِنْسٍ كِتاَبِيٍّ، واَصَل ريِتْسوُسْ تَأْلِيفَ الدَّواَويِنِ: الْحَائِطُ فِي الْمِرْآةِ [1967-1971] ثُمَّ أَحْجاَرٌ، اسْتِعَادَاتٌ، قُضْباَنٌ [1968-1969].

فِي أَواَخِرِ حَياَتِهِ، يَكْتُبُ ريِتْسوُسْ نُصوُصاً تَتَغَنىَّ بِالْجَسَدِ وَالشَّهْوَةِ الْحِسِّيَّةِ: أَيْروُتيِكاَ [1980]. وَكَتَقْييِمٍ لِمَسيِرَتِهِ، كَتَبَ دِيْواَنَهُ الْأَخيِرَ: مُتَأَخِّراً جِداًّ فِي اللَّيْلِ [1987-1989]. تُوْفِيَ فِي 12 نُوَنْبِرْ 1990 بِأَثيِناَ.
شِعْرُ رِيتْسُوسْ الْحِسِّيُّ، فِي مُجْتَزَأِ هَذَا الدِّيْوَانِ بِالذَّاتِ، يَسْتَنِدُ إِلَى ِتُرَاثٍ إِغِرِيقِيِّ عَرِيقٍ فِي الْأَيْرُوتِيكَا [نَحْتًا، جَمَالِيَّةً فَلْسَفِيَّةً، تَشْبِيبًا وَحَيَاةً جِنْسِيَّةً]؛ مَعَ مُسْحَةٍ خَاصَّةٍ تَسْتَنِدُ إِلَى فِيزِيقَا تَتَأَسَّسُ عَلَى الْفَلْسَفَةِ الْمَادِّيَّةِ وَشَذَرِيَّةِ مَا قَبْلَ السُّقْرَاطِيِّينَ، لِأَنَّ اللَّذَّةَ، مُمَارَسَةً يَوْمِيَّةً وَكِتَابَةً، لَا تَكُونُ إِلَّا شَذَرِيَّةً.



مُتَوَاليَةٌ صَغِيرَةٌ عَلَى مَقَامٍ أَحْمَرَ مُمْتَدٍّ

حَتَّـى الْكَلِماَتُ عُروُقٌ. داَخِلَهَا يَجْريِ الدَّمُ. عِنْدَماَ تَلْتَقيِ الْكَلِماَتُ يَبْدَأُ إِهاَبُ الْوَرَقِ فِي الْاحْمِراَرِ كَماَ، وَقْتَ الْحُبِّ، إِهاَبُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.
*

اَلْعَيْنَانِ مُطْبَقَتَانِ. بِكَامِلِ عُرْيِهَا فَوْقَ الْبِسَاطِ الْأَحْمَرِ، تَنْتَظِرُ أَنْ يَنْـزَعَ عَنْهُ زَوْجَ حِذَائِهِ، جَوْرَبَيْهِ، كَيْ يَعْجِنَ بِقُوَّةٍ، بِكَامِلِ الْقُوَّةِ، نَهْدَيْهَا بِقَدَمَيْهِ الْعَرِيضَتَيْنِ.
*

جَبَلَانِ، جَسَدَانِ، شَجَرَةٌ، وَالنَّهْرُ الْمُمْتَدُّ حَتَّى الْبَحْرِ أَسْفَلَ، حَتَّى الْمِينَاءِ الْآخَرِ بِحَانَاتِهِ الْقَدِيمَةِ، نُوتِيِّي سُفُنِهِ، وَرَشَاتِ الْحِدَادَةِ — ثَمَّةَ أَيْضاً مُوسِيقَى.
*


ضَبَابٌ، رَوَابٍ رَخْوَةٌ وَمُعْتِمَةٌ. كَيْفَ تَيَسَّرَ، فِي هَذَا الْمُحِيطِ الرَّمَادِيِّ، لِجَسَدٍ أَحْمَرَ، هَذَا الْجَسَدِ، فِي كَامِلِ عُرْيِهِ، وَهُوَ مُنْتَصِبُ الْقَامَةِ، أَنْ يَنْوَجِدَ؟
*

الْقَصِيدَةُ، يَا لِلْقَصِيدَةِ — كَانَ يَقُولُ — تَنَاكُحٌ أَبَدِيٌّ، بِلَا عَلَامَاتِ تَنْقِيطٍ، بِلَا نُقْطَةٍ عَلَى السَّطْرِ. الْأَرْضُ تَفُوحُ رَوْثاً، زَهْرَ لَيْمُونٍ وَمَنِياًّ. ثَمَّةَ فَأْسٌ وَمِجْرَفَةٌ فَوْقَ الرُّخاَمِ، عَمَلٌ مُضاَعَفٌ. لاَ تَقُلْ شَيْئاً بَعْدَ ذَلِكَ. الْحُبُّ الْوَحِيدُ.
أثِينَا، 22.01.1980
*

إِنَّهَا تَلْبَسُ وَتَتَعَرَّى. أَزْيَاؤُهَا نَارٌ. عُرْيُهَا نَارٌ. الْمَسَامِيرُ تَذُوبُ. نَهْرٌ حَدِيدٌ يَمُرُّ تَحْتَ الشَّجَرِ. ثَلَاثُ نَوَافِذَ تَنْفَتِحُ. الْعَصَافِيرُ تَنْظُرُ لِلدَّاخِلِ، وَفِي مَنَاقِيرِهَا عُودُ ثِقَابٍ. ثَمَّةَ اثْنَتَا عَشَرَةَ زُجَاجِيَّةً حَمْرَاءَ، سِتُّ مِنْ بَيْنِهَا ذَهَبٌ.
أَثِينَا، 30.01.1980
*

تَحْتَ السَّرِيرِ، زَوْجُ حِذَائِهَا يَحْتَفِظُ بِشَكْلِ قَدَمَيْهَا، بِحَرَارَةِ قَدَمَيْهَا، يَتَنَفَّسُ. ثَمَّةَ أَيْضاً طَيْـرَانِ أَبْلَقَانِ بِعَيْنَيْنِ كُحْلِيَّتَيْنِ تَمَاماً، وَفِي عُنُقِهِمَا طَوْقٌ نِيْكِلٌ.
أَثِينَا، 05.02.1980
*

يَصْعُبُ اسْتِنْفَادُهُ — كَانَ يَقُولُ — يَصْعُبُ اسْتِنْفَادُهُ، جَسَدُ الْإِنْسَانِ. سَمَاءٌ مُتَخَثِّـرَةٌ. سَمَاءٌ حَمْرَاءُ. أَنْتَ تَتَعَمَّقُ، وَلَا غُصْنَ لِتُمْسِكَ بِهِ، وَلَا أَرْضَ لِتَمْشِيَ عَلَيْهَا. سَمَاءٌ مُتَخَثِّـرَةٌ — كَيْ يَنْفَتِحَ جَنَاحَاكَ عَلَيْكَ أَنْ تَخْرُجَ.
*

قَمِيصُهُ، انْتَظَرَتْ كَيْ تَرْفُوَهُ لَهُ، سَمَّرَتْهُ كَامِلًا بِالدَّبَابِيسِ لِيَلْبَسَهُ وَيُثْخَنَ بِالْجِرَاحِ — كَمْ هُوَ مُنَاسِبٌ لَهُ، هَكَذَا مُنْفَرِجاً فَوْقَ عُنُقِهِ الْمَتِينِ الْكَامِلِ الْبَيَاضِ، بَيَاضٍ بِبُقَعٍ حَمْرَاءَ.
أثِينَا، 06.02.1980
*

يَا لِلْمَسَاءِ الشَّهْوَانِيِّ. الْقَمَرُ فِي الْغُرْفَةِ. الْقَمَرُ عَلَى الْفِرَاشِ، عَلَى الْجَسَدِ الْعَارِي — الضَّرَبَاتُ فَوْقَ الْمَعْدِنِ فِي الطَّابَقِ تَحْتَ الْأَرْضِ، أَسْفَلَ. الْحَدَّادُ يُسَمِّرُ حُدْوَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ لِلْفَرَسِ الْأَبْلَقِ، الْفَرَسِ الْمُجَنَّحِ. وَأَنْتَ لَسْتَ مُهْتَماًّ أَبَداً بِمَعْرِفَةِ إِنْ كَانَ سَيَسْتَطِيعُ الطَّيَـرَانَ ثَانِيَةً بِحُدْوَتَيْنِ مِنْ هَذَا الْعِيَارِ الثَّقِيلِ.
أثِينَا، 07.02.1980
*

عَارِيَةٌ مِنْ تَحْتِ فُسْتَانِهَا، مِنْ فَوْقِ فُسْتَانِهَا عَارِيَةٌ تَمَاماً. قُدَّامَ النَّافِذَةِ تَتَنَاوَلُ كَأْساً كَبِيرَةً فَارِعَةً — سَتَمْنَحُكَ إِيَّاهَا؟ لَنْ تَمْنَحَكَ إِيَّاهَا؟ تَشْرَبُهَا لِوَحْدِهَا. هِيَ لَا تُنْظُرُ إِلَيْكَ، هَكَذَا تَكُونُ أَكْثَـر عُرْياً، مَعَ وَرْدَةٍ فَقَطْ وَسْطَ نَهْدَيْهَا.
أَثِينَا، 08.02.1980
*

أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ. أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ. أُيُورٌ بَيْنَ الْأَصَابِعِ الْخَمْسَةِ. أَرْبَعَةُ فُرُوجٍ — عِشْرُونَ وَسِتَّةَ عَشَرَ — قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ عَمَلِيَّةَ الْجَمْعِ يَتَدَفَّقُ مَنِيُّكَ عَلَى شَفَتَيِ التِّمْثَالِ.
*

اللِّحَافُ الْوَبَرِيُّ، النَّارُ، الدُّخَّانُ، جَسَدٌ عَارٍ، فِي قَلْبِ اللَّيْلِ. قُمْصَانٌ مَاثِلَةٌ عَلَى الْبِلَاطِ، أَعْلَامٌ تُرَفْرِفُ، تُفَّاحَاتٌ حَمْرَاءُ تَتَدَحْرَجُ مِنْ فَوْقِ الْمَائِدَةِ، فَوَاحِدَةٌ صَفْرَاءُ. لَقَدْ نَمَتْ أَظَافِرِي، وَشَعْرِي أيْضًا.
*

يَا لِهَذَا الْجَسَدِ يَنْمُو فِي عُمْقِ اللَّيْلِ. الرِّجْلَانِ تَخْرُجَانِ مِنَ الْفِرَاشِ، تَخْرُجَانِ عَبْـرَ النَّافِذَةِ. تُوْلَدُ نَجْمَةٌ. يَضِيعُ مِفْتَاحٌ. يَنْغَلِقُ الْبَابُ. أَبْقَى خَارِجاً. يَسْقُطُ ذِرَاعُ التِّمْثَالِ عَلَى رُكْبَتَيَّ.
أَثِينَا، 09.02.1980
*

ثُمَّ خَيَّمَ اللَّيْلُ. كُرْسِيَّانِ مِنْ خَشَبٍ تَحْتَ ضَوْءِ الْقَمَرِ. هُمَا مَعاً عَلَى الْكُرْسِيَّيْنِ. الْأَقْدَامُ عَارِيَةٌ. وَجْهاً لِوَجْهٍ، بِالْكَادِ يَتَمَاسَّانِ بِخِفَّةٍ طَرَفَيْ قَدَمَيْهِمَا.
*

إِيْمَاءَتُهُ، شَعْرُهُ، يَدَاهُ. جُنْدِيٌّ وَحِيدٌ فِي الْغَابَةِ. طَيَّارَةٌ وَرَقِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ عَلَى حَجَرٍ. طَرَفٌ مِنَ سَبِيلٍ تَحْتَ إِنَارَةٍ قَوِيَّةٍ. طَرِيقٌ بَلِيلَةٌ بِمَاءٍ مَجْهُولٍ.
*

جَسَدٌ مُتَجَرِّدٌ، مُضْطَجِعٌ أَوْ مُنْتَصِبٌ. جُغْرَافْيَا مَجْهُولَةٌ، مَدْرُوسَةٌ أَلْفَ مَرَّةٍ، مَحْفُوظَةٌ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، مَجْهُولَةٌ — سَمِعْتُ الْارْتِطَامَ — مَنْ رَمَى أَحْجَارَ النَّـرْدِ فَوْقَ تَرْبِيعَاتِ بِلَاطِ الْحَمَّامِ؟
كَالَامُوسْ، 10.02.1980



الهوامش:
1) نَضَعُ بَيْنَ مُعَقَّفَيْنِ سَنَةَ كِتَابَةِ الدِّيْوَانِ، تَلِيهَا سَنَةُ النَّشْرِ الَّتِي غَالِباً مَا تَكُونُ فِيمَا بَعْدُ، نَظَراً لِظُرُوفِ الْحَظْرِ وَالرَّقَابَةِ.
النصوص المعتمدة في الترجمة:
*Yannis RITSOS, Erotica, éd. Gallimard, coll. “Du monde entier”, traduit du grec par Dominique Gramont, 1984.
*Yannis RITSOS, Erotika, éd. ErosOnyx, traduit du grec par Anne Personnaz, 2009.
*Yannis RITSOS, Erótica, edición introducción y notas Juan Merino Castrillo, Beginbook Ediciones, 2011.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق