الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

الكتابة والشرّ: آرثر ر. باولدرل

ترجمة محمد العرابي                                                 
                                                                

الكتاب يتحدثون عن النتانة (1)
كل كلمة هي شرَك (2)

تمهيد وأطروحة
Troy Henriksen - Devil Blues
   التأملات أدناه مدينة بوجودها للبحث الذي استمدت منه عنوانها: أي البحث عن تقارب، أو حتى بالأحرى: البحث عن قراءة يمكن أن نقول عنها إجمالية، لأنطولوجيا جورج باتاي الصادرة لأول مرة في نسخة أصلية بالفرنسية في 1957، بعنوان "الأدب والشر"، ومن جهة أخرى إلى مجموع الدراسات المكونة لكتاب جاك دريدا: "الكتابة والاختلاف"، الصادر في نسخته الفرنسية أيضاً، عشر سنوات بعد ذلك.
   عنواني – الذي يتضمن الموضوع والمضمون الأصليين لمقاصدي – يحِلُّ كما نرى، الكتابة مكان الأدب والشر مكان الاختلاف: وهي مناورة للاستبدال تستفيد، على الصعيد الطباعي والدلالي باستثمارها علاقات استبدالية [بارادغماتية] استراتيجية بين الأدب والكتابة من جهة، وبين الشر والاختلاف من جهة أخرى، من تجاورهما التركيبي وتُمثِّل إذن قلباً للعبارة يتَّبع منطقاً تكميلياً أو بدقة أكبر: تقوم إمكانيتها في ذاتها على منطق التكملة. وهذا الشكل يَخلُق ذاته عن طريق خطاب فلسفي وبالاعتماد على هذا الأخير [وإذن ليس في إطار الخطاب الأدبي أوالأخلاقي – أي فيما يسمح بالتفكير فيه، بل وفي ما يفترض صبغة أخرى ويقود كذلك إلى نتائج مغايرة]؛ وهذا ما يفسر أن الفلسفة، المهملة هنا تقريباً، لها أحقيتها في أن تكون الكلمة الخامسة تقريباً باعتبارها تتوسط الكلمات الأربع السالفة أو على الأصح المضمرة فيها تبعاً لتأملاتي – وعلى هذا، فكلمة "فلسفة" توجد هنا بالمعنى الذي هي عليه عند باتاي، الكاتب، الذي أجرى حوله الفيلسوف دريدا أبحاثه مقتفياً خطواته على هامش الفلسفة.

أدب                                    شر

كتابة                                    اختلاف
______________________________
كتابة                                     شر
            فلسفة
                (أدب)                                (اختلاف)               
  
مع هذه المناورة الشكلية، أو التي تظهر للوهلة الأولى أنها كذلك، يكون الخيط الناقل للمحتوى الذي يفرضه علي عنوان الكتابة والشر [بعنوانه الحافّ بمناطق الظل، بنسخته السالبة أو الموجبة، التي تشير شئنا أم أبينا: إلى الكتابة والاختلاف] قد تم تحديده سلفاً. يتمثل هدفي في أن أبين كيف أن باتاي، ومن بعده دريدا [من بعده، وليس من قبله]، يضعان مفاهيم الأدب، والكتابة، والاختلاف، والشر، في علاقة ببعضها البعض، وكذا طريقتهما المختلفة لإدراك علاقة الأنا بالآخر [هذه التنويعات المختلفة، بما فيها الانقسامات إلى فروع ثنائية متجانسة- متنافرة أو عقلانية-لاعقلانية] بحيث أن الانطلاق من هذه  النقطة بالذات، لا يجعل مفهومنا عن الفلسفة [المنظور الشكلي أو الخارجي، تقريباً] فقط، بل وحتى فهمنا للأخلاق [المنظور العملي أو الداخلي] معنيين بهذه العلاقة ويشكلان موضوعاً لتغيُّر جوهري؛ داخل هذا السياق ينصرف تفكيري الأساس نحو الأولى بينما يبدو الثاني ضمنياً ولن يحظى بالدراسة المفصلة – لضيق الحيز من جهة، ولكن بالأساس لأني لا أحمل صفة فيلسوف للأخلاق أو أني لا أعتبر نفسي كذلك مطلقاً.
     هناك، من جهة، الأطروحة المشار إليها والتي من خلالها يطوِّر كل من باتاي ودريدا في إطار أفكارهما عن الفلسفة والأدب، وعن الكتابة والاختلاف، استعمالاً جديداً ومخالفاً للاستعمال التقليدي لهذه المفاهيم والتصورات المعدَّلة بوضوح عن علاقاتها، مما يؤدي في الوقت نفسه بهذه التصورات إلى إحداث تغيير أكثر جذرية لفهمنا للخير وللشر. وهناك من جهة أخرى، الاعتقاد الراسخ الذي بحسبه يعرض باتاي ودريدا على هذا النحو في كتاباتهما بطريقتهما الخاصة ما سجله ميرلو بونتي بل وصاغه في مناسبتين كرغبات فلسفية بمفهوم برنامج عمل، مرة بالانطلاق من الفلسفة، والمرة الأخرى بالانطلاق من الأدب، فترة قصيرة بعد صدور كتاب "الأدب والشر" لـ باتاي [مصادفة لافتة للنظر، وإن كانت، من خلال كل ما نعرفه، تبقى زمنية محضة]. فمن وجهة نظر ميرلو بونتي، ينبغي علينا أن ننقِّح تصوراً للفلسفة يتأسس على «فكرة قلب العبارة التي تقول إن كل علاقة بالكينونة هي بشكل متزامن فعل الأخذ والتعرُّض للأخذ، الأخذ هو في آن مأخوذ، إنه مُسجَّل ومنقوش في الكائن نفسه الذي يأخذه»(3). تصور للفلسفة من هذا القبيل يريد أن يقول، دائما حسب ميرلوبونتي، بأن الفلسفة «لا يمكن أن تكون أخذاً كاملاً وفعالاً، وليست حيازة عقلية، لأن ما تقبض عليه هو زوال حيازة»(4)، إنها، أي الفلسفة، لا توجد إذن «أعلى من الحياة، في برج عاجي»(5) ولكنها «توجد في الأسفل. إنها تحت التجربة المتزامنة للآخذ وللمأخوذ في كل الحالات. وما تقوله، دلالاتها، لا ينتمي للامرئي المطلق: إنها تجعل الرؤية ممكنة من خلال كلمات. مثلها في ذلك مثل الأدب برمته»(6). وحتى نعطي لهذا الحدث كل ما يستحقه، يتوجب، كما يقول ميرلو بونتي مكان هذا التعليل، أن نحلل الأدب باعتباره «تدويناً في الكائن»(7):
   «الفلسفة، تحديداً كـ "كائن يتكلم فينا"، وكتعبير عن التجربة الخرساء من ذاتها، هي خلْق. خلْقٌ هو في الوقت نفسه إعادة دمج للكائن... إنها إذن خلق بمعنى جذري: خلق هو في نفس الوقت معادلة، والطريقة الوحيدة للحصول على معادلة(...) الكائن هو ما يتطلبه منا الخلق لكي نحظى منه بالتجربة»(8). وهذا هو بالضبط ما يقدمه الأدب حسب باتاي مع الملاحظة التكميلية والتي ليست عديمة الأهمية مع ذلك مقارنة مع ميرلو بونتي، والتي بموجبها يمنح الأدب هذا الشيء ولا يمكنه أن يمنحه إلا إذا اتخذ من الشر موضوعاً له، وإذن إذا صار الأدب في ذاته شريراً من بعض الوجوه، فالسبب يعود، إلى ما يقوم به من وصف للرعب وللفظاعات التي يكون الإنسان قادراً على ارتكابها. وعلى هذا النحو فهو يسمح للإنسان بأن يعيش تجربة نابعة من كيانه وإن رفض القبول بها على الصعيد العقلي المحض باعتبارها تكوِّن حقيقته، والتي يعرف أيضاً مع ذلك أن هذه الحقيقة تشكِّلُه، بحسب كلمات باتاي: تجربة للمستحيل تتطابق مع تجربة الكينونة المبلورة من طرف ميرلوبونتي والتي تأسرنا أكثر مما نقبض عليها ونفهمها، وإذن هي تجربة لنزع الملكية l’expropriation على شكل زهد في الذات. لكن بالتحديد فهذه التجربة التي، بحسب ملاحظتنا التكميلية المنشَّطة من طرف دريدا في مواجهة باتاي، ليست فقط سبق وتكونت، ولكنها أيضاً تحققت في الكتابة، ولا ينبغي لكي تتحقق أن ننتظر حتى تتخذ شكلاً خاصاً من الكتابة، باعتباره أدباً. وتلكم هي الأطروحة في مجملها، التي نتمنى إذن أن ننميها على الشكل التالي [على أنه لا يمكننا مع ذلك إلا أن ندرس هنا إلا جزءاً من هذه الأطروحة]:
    الكتابة تعنى الشر لأنها نوع من التأجيل [اختلاف différance *]، وبهذا المعنى فإنها ترجئ إلى حين الحضور/ المعنى [إنها تكمل عمل الفلسفة إذا كانت الفلسفة كعمل تعني "الرغبة المكبوتة"]، بيد أنها أيضاً تأجيل للشر الذي تدفع إلى قراءته تحت أشكال الفظاعات [لأن الحضور، أي الرغبة المكبوتة أو على الأصح فقدان السيطرة على الرغبات التي لا تعاني من أي تأجيل، لا تنفك عن الشر]. الفلسفة والأدب يتم إذن نقلهما بواسطة الكتابة بل وأكثر من ذلك يتم التقريب بينهما بفضلها: فالفلسفة تمكن من قراءة الشر بالمعنى الذي تكون فيه في الوقت نفسه أدباً – وإذن لا تبقى مجرد فلسفة "خالصة" [عقلية]، ولكنها تغدو مصابة بالعدوى على الدوام بواسطة الرغبة [اللاعقلية] أيّ بواسطة الشر أو العنف.
   هكذا نكون قد تركنا فجأة تمهيدنا وراء ظهورنا ونكون قد وصلنا مسبقا إلى لب الموضوع (in medias res)؛ فلنلاحظ الآن بالتفصيل وبحسب الترتيب التقاليدَ الدلالية للأطروحة التي تمَّ تقديمها على الفور، من أجل اختبار صلابتها، أو على الأقل قابليتها للتصديق. وبشكل أكثر تحديداً، فأنا لا أعطي إذن في الحقيقة إلا هذه المعطيات الأساسية والتي يتأسس عليها التمهيد والتي قادتني الرؤية في شموليتها المنعكسة إلى الأطروحة التي تم وضعها كفرضية تجريبية –أقيم الدليل إذن هنا بعد فوات الأوان (post festum) تقريباً. وبكلمات أخرى، علينا ألا نتوقع أي جديد منذ هذه اللحظة.


الكتابة
   في نظر باتاي، فعل الكتابة هو لعبة المجازفة بالحياة. وهذه الرؤية للأشياء يتم تعضيدها بواسطة النقد الذي يوجهه دريدا للنزعة الصوتية والمركزية الفكرية الغربية، الذي يقدمه في مواجهة النموذج غير الطارئ بأي وجه من الوجوه لوضعية الكتابة في التقليد الفلسفي. وقد طور دريدا هذا النقد بحسب أقواله نفسها، على الخصوص بتأثير من قراءته لكتابات باتاي. أذكِّر هنا فقط، بكل ما يقتضيه الإيجاز، بالظروف المحيطة بإعادة الاعتبار من طرف دريدا للكتابة في مواجهة الكلام: إذا كانت الميتافزيقا الغربية قد نظرت إلى العلامة من خلال شكلها الخارجي، وماديتها على أنها تأتي في المرتبة الثانية بالنسبة للكلام وبالنسبة لحضوره [لا تفعل الكتابة في حضورها غير أن تبين حضوراً، وقد يكون حضوراً مضى]، وهذا صحيح بمعنى أكثر جذرية بالنسبة للعلامة المكتوبة، التي هي فقط علامة العلامة، وبالاصطلاح اللساني الدال المنسوخ لدال صوتي.
   لا تشير الكتابة، إذن، مباشرة إلى مدلول ولكن إلى دال [مغاير، صوتي]، وبحسب المفهوم التقليدي فلن تكون للكتابة ثمة وظيفة إلا تلك التي تدوِّن هذه العلامة الأخرى، ولن تكون، حسب دريدا، مجرد ممثِّل بسيط للمدلول ولتعقيده، ولكنها ستكون تكملته – إنها لا تستبدل فقط ما لا يمكن استبداله بل وما ليس في حاجة لأن يكون أصلاً. ومن بعض الجوانب، تبدو الكتابة – بمقدار ما تحقق فعلياً ما تم وصفه للتو، فإنها تملأ حقيقة هذه الوظيفة، حتى ولو قامت بها بطريقة ناقصة [وإلا لما كان هناك مثلا من تاريخ] – ضرورية ومستحيلة في آن، ونكون في أمس الحاجة إليها دون حاجة حقيقية: بما هي وعاء خالص للمعنى، تظل خارجية لهذا المعنى. إلا أنها مع ذلك، تحمل أخطاراً، وهذه الأخطار التي أصبحت لوحدها، على قاعدة الانفساح والزمنية المتعلقين بالمعنى الذي تثيره، تهدد هذا المعنى بنِيَّة مُبيَّتة: أوكل معناي للكتابة، وأنا واثق في الواقع بأنها ستعتني به وبأنها ستنقله، وهذا هو السبب الذي من أجله أحصل على حصة معينة من الحرية في مواجهة الوضعية المقابلة وفي مواجهة حدودها [أستطيع أن أرى ثانية، وأن أعَدِّل، وأن أختزل، وأن أطوِّل، إلخ. لاحقاً عندما يكون نص قد كتب مسبقاً، بما يعني أن الكلمة إذا قيلت مرة فقد تُقال إلى الأبد، باستقلال عن إمكانية تصحيحها البلاغي الذي قد يلحقها مع الزمن في الوضعية المادية لخطاب ما].
   ولكن إذ نوكل المعنى للكتابة نحقق في الوقت نفسه فعلا لنزع الملكية ذاتياً، الذي يفسره باتاي – بإلقائه نظرة حول الأدب وحول كاتب الأعمال الأدبية – كإهمال للذات: لم تعد قواعد الكتابة في حوزتي بهذا المعنى الذي يجعل قدَر الشيء المكتوب لم يعد قطعاً ضمن طاقتي لامتلاك شيء ما: فمن جهة، لن يكون بإمكاني أبداً أن أتحقق من أن نصي يصل إلى المرسل إليه [وبخصوص هذا الموضوع، المسألة المثارة مثلاً مع قصة إدغار ألان بُّو الرسالة المسروقة، لمعرفة إن كانت الرسالة تصل دائماً إلى صاحبها، كانت سبباً، كما يعرف الجميع، وراء إثارة نقاش صاخب بين دريدا ولاكان]، ومن جهة أخرى، في الحالة التي يستقبل فيها المرسل إليه رسالتي، فلن يكون بإمكاني أن أعدل سوء فهم محتمل أو أصحح القراءات المغرضة. [أما الباقي، هذا الغياب لليقين لا يوجد من طرف واحد أي إلى جانب الكاتب، أو المكتوب، وإنما أيضا وبالتأكيد من جهة القارئ، الذي قد يكون أقل اطمئناناً على هوية المرسل].
   يوجد لدى الكتابة، بالنتيجة، في نظر دريدا، نزوع وانجذاب تجاه الموت – وإمكانية غياب الكاتب بالنسبة لها عنصر تكويني: مبدأ تناهي الإنسان يظهر في كل كلمة مكتوبة – بحسب كلمات باتاي: الذي يكتب يضع نفسه عرضة للخطر شاء أم أبى وعليه أن يقر بأنه يتجاوز نفسه، أي أنه يتجاوز حدود هويته. أن تكتب، معناه أن تعهد بفردانيتك، وبطابعك الخاص ككائن إنساني إلى الكتابة، مع الوعي بحقيقة أنه من خلال الفعل نفسه، تفقد هذه الفردانية شكلها، وبأن مزاجي الخاص ينصهر في عمومية قوانين الدوال. يفترض النص المكتوب مسبقا تناهي كل كاتب تجريبي – وأيضا كل قارئ تجريبي -  وزيادة على ذلك أيضاً: يعثر على شرط وجوده تحديداً في موت كل منهما. في هذا المعنى الخاص، الكتابة هي إذن لا إنسانية – يعطيها دريدا وضعية الآلة ولا يفكر بذلك فقط في مؤسسة مصلحة سجون كافكا، بل يتوجب علينا من زاوية نظر باتاي أن نقر له بمنحنى "طبيعي" نحو الشر تقريباً.

الأدب       
     في الأدب على الخصوص يصبح عنف الكتابة أكثر جلاء. فخلافاً للنص الفلسفي، وعلى الأقل نص الفلسفة التقليدي، هناك في النص الأدبي مجهود مبذول من طرف الكاتب لخلق نوع من الأصالة، وهناك أيضاً البحث عن أسلوب خاص، وعن اصطلاح تعبيري جديد. الوضعية الأساسية للكتابة تحتل هنا أيضاً المقام الأول: إن الذي يكتب يمنح نفسه بتبصر إلى الكتابة يحدوه الأمل في أن تستقبل هذه وتنقل إلى الآخر مقصده بطريقة أصيلة – عليها أن تسمح بتكراره، وأخذه ثانية [مع الأخذ بكلمة أخذ-ثانية]، بدون خيانة للكاتب.
   غير أنه، في حالة النص الأدبي، تتدخل أيضا لحظة أخرى تزيد المهمة تعقيداً: فالذي يكتب الأعمال الأدبية لا يطمح فقط إلى جعل المعنى أو ما يقصده في وبواسطة الكتابة قابلاً للقراءة، ولكن أيضاً جعل نفسه تعرف وجعل القارئ يعرف في وبواسطة الكتابة – ينبغي على نزع الملكية الحتمي الذي تقوم به الكتابة إزاء المعنى والذات الكاتبة، في حالة النص الأدبي، أن تقوم به بشكل يجعله يعين الخاصية الفردية لهذا النزْع للملكية- هنا، ولنزع الملكية من هذا الكاتب - بعينه، وبكلمات أخرى فإن فعل نزع الملكية الذي من خلاله أكشف عن نفسي، وأسلم قيادي للكتابة، يتوجب عليه في الوقت نفسه أن يكون لي [أي أن يكون حدثاً، كما سيقول عنه دريدا لاحقاً بإحالته على هايدغر]. في الفعل الأدبي، يربح الكاتب بخسارته المتبصرة في الكتابة – بيد أنه عليه أن يدفع في نهاية المطاف ثمن ذلك أضعافاً مضاعفة من خلال الموت [التقارب البنيوي في علاقته بمنطق بعض التقاليد الصوفية ليس ببعيد ولقد تم أيضاً تثمينه حسب قيمته الحقيقية من طرف باتاي]. وعلى هذا النحو، لا يتضمن الأدب نزوعاً أكيداً نحو الموت فقط، كالكتابة باعتبارها كذلك، بل يتضمن أكثر من ذلك: نزوعاً واضحاً نحو الرغبة وإذن نحو الإيروسية.
    ليس من قبيل المصادفة إذا كرر باتاي في دراسته حول إميلي برونتي حَرفيا "التعريف" الشهير للإيرويسة المصاغ بادئ الأمر في كتابه: الإيروسية: «الإيروسية هي ... الإقرار بالحياة حتى في الموت»(9): فالذات الكاتبة تستسلم لرغبتها إلى غاية حدود ذاتيتها معرِّضة هذه الأخيرة للخطر أثناء بحثها عن تجربة مباشرة [سيقول باتاي: داخلية، تحت طائلة التعرض لسوء الفهم] في ذاتها، مباشرةٍ بشكل كامل وجذري حد فقدان السيطرة عليها: التجربة الداخلية المنشودة هي تجربة الآخر، المغاير، بالمعنى الذي تبناه في الغالب لاكان، محاور باتاي المُضمر [الذي كان أيضاً شبه أب تقريباً بالمصاهرة لأنه كان الزوج الثاني لزوجة باتاي الأولى، سيلفيا ماكليش] والمتمثل في أن الرغبة هي دائماً الرغبة في الآخر. وباعتبارها تجربة معينة للآخر –وتجربة للرغبة في الآخر– يتعلق الأمر على الدوام في الأدب بتجربة اختلاف، أو الأفضل، اختلافٍ معيش.

الاختلاف   
   ليس الاختلاف المعني هنا من وجهة نظر الكتابة والأدب بالطبع هو الاختلاف في الحياة الفعلية بين الأنا والآخر أي بين ما ينتمي إلي وما هو غريب عني. بـ"الاختلاف" نقصد على الأصح هذا الاصطلاح الشهير : "اختلاف"  différance، وهو ما شكل بؤرة الاهتمام في فكر دريدا في سنوات السبعينيات والذي من خلاله حاول هذا الأخير أن يجمع سلسلة كاملة من الحجج المطورة في السابق حول استحالة قيام خطاب فلسفي وعلم دلالي لم يُصب بعدوي الكتابة بالمعنى الموصوف أعلاه. ولكي نقدم عنه ملخصاً موجزاً يخدم أهدافنا، نقول بأن "الاختلاف" يعين هذه الحركة الموصوفة هنا بدون التفاف حول نفسه، والذي يقدم نفسه في الكتابة كمسعى لتحييد الكاتب الراغب في إشراك الآخر في معناه، وفي الأدب كإهمال لذات الكاتب الذي يتبع رغبته، ليس لإيصال معنى، ولكن للتواصل مع نفسه، تحت طائلة التدمير الذاتي للكاتب الذي يُنجَز بحضور القارئ. إنه لا يشير إلى اختلاف خاص بين عناصر متعددة، ولكن على الأصح انسحاب عنصر في علاقته بذاته. انسحاب من هويته التي لا تترك نفسها تَسبق في توقعها لشيء ما، ولكنها بالأحرى التي توجد وحسب في هذه الحركة من الانسحاب، ومن التأجيل -  مثلما الهوية، كذلك معنى جملة يتحدد بواسطة بنيته بشكل يجعل عناصره لا تُرى باعتبارها من خواصه إلا بالنظر إلى ماضيها تماماً كما هي في ذاتها، لن تظهر الجملة إلا منظوراً إليها في ماضيها باعتبارها كذلك، وباعتبار أنها ذاتها [الأمر نفسه يصدق على الكِتاب وعلى الحياة].
   وما دام "الاختلاف" ليس إلا هذا النوع من العناصر بين أخرى ["مفهوم"، "كلمة"، ككل الآخرين]، فإنه يخضع هو نفسه أيضا للاختلاف، وهو ما يعني أنه لا يمتلك أي شيء أصيل، أي شيء بحيث يمكننا أن نحيل عليه بنية تفسير عناصر أخرى، وكلمات أخرى أو مبادئ أخرى؛ إنها تعين الشرط لإمكانية قيام لغة وكتابة بشكل يستدعي في الوقت نفسه قيام شرط استحالتهما – وهو ما يؤدي، مثلما كتب باتاي محيلاً إلى كافكا، إلى الاعتراف بأن كل كلمة هي بمثابة شرَك [أنظر التصدير] أو على الأقل يمكن أن يكون كذلك على الدوام: تكون الكلمة هي نفسها فقط بشرط ألا تكون هي نفسها لا غير [بالمعنى الذي لم تعد تحيل فيه الكتابة فقط على دلالة، والدال لا يحيل فقط على مدلول يستبدله أو يمثله، ولكنه أيضاً يحيل على ذاته وإذن ليس على غياب باعتباره حاضراً مضى، ولكن على غياب للغياب، بالمعنى الذي يجعل إذن من الكتابة أثراً]، شريطة ألا تكون الكلمة فقط نفسها ولكن أن تكون أكثر من ذلك وأشياء أخرى غير نفسها [هل من قبيل الصدفة، عندما أحال دريدا على هذه البنية من الاختلاف، تكلم عن قطع الرؤوس، هل يمكن أن نقر بأن تلك إحالة صريحة على باتاي؟]. وعن هذا الآخر، لا يمكننا أن نقول بطيبة قلب أي شيء إلا في حالة أن يكون بكل بساطة وبالضبط هذا – أي آخر جذرياً يفرض نفسه بقوة على تجربتي عن ذاتي، وبأنه ينتهي بأن يفجر هذه التجربة نفسها. هكذا في نهاية البنية، فإن العلامة واللعبة في خطاب العلوم الإنسانية، أي ما يسمي دريدا بالوحشية؛ بالنسبة لـ باتاي فإن هذا يظهر نفسه في إطار الأدب تحت صيغة الشر.

الشرّ 
ينكشف المفهوم الذي يتبناه باتاي عن الشر في رأيي على أكبر احتمال حينما نتأمله في مواجهة مفاهيمه حول السيادة. ولا تشترك السيادة عند باتاي في أي شيء مع مدلولها السياسي للكلمة كما نجدها في تاريخ الأفكار، وإذن فهي لا تعني مثلاً الاستقلال الذاتي لحاكم ما أو لدولة أو أي شيء في حكمهما. ففي نظر باتاي [في معارضة مع كارل شميت]، فإن صاحب السيادة لا يقرر حالة الطوارئ أو الاستثناء، ولكنه الذي يضع نفسه بتبصر في هذه الحالة؛ فضلاً عن ذلك فإن باتاي لا يفكر من خلال كلمة "حالة طوارئ" في المقام الأول في الحرب، ولكن في اللقاء الإيروتيكي الذي يفهمه كحدث وبأننا نسعى دائماً ضد فهم أفضل، بالرغم من أن كل ما نملكه في ذواتنا من تفكير يتعارض معه، أي أننا نسعى لأن نضيع في هذه التجربة. وهذا الضياع هو في الوقت نفسه ارتقاء بالذات فوق الاعتبارات العقلية المحض والمفتقدة لكل غاية، التي يفرضها اليومي على كل منا، إنه حدث تجاوز الحد لهذا القانون في الحياة الذي يضمن استمرار الحياة.
   إن ما تنشده الإيروسية، دون إرادة واعية منها في المقابل، هو كينونة لا تحفُّظ فيها، ولا تأجيل، تتجاوز بكثير حدود ما هو موجود – هذه التجربة الداخلية التي وُضعت موضع تساؤل سلفاً، والتي تحررك من كل الاعتبارات الخارجية ومن نفسك في الوقت ذاته، سيادة كهذه توجد أمام أعيننا في التّوق التلقائي للطفولة وإلى غاية ما بعد الطفولة، في سن الرشد، تعطي فقط في المحصلة (in nuce) الأدب، سيادة تذهب إلى ما وراء الخير والشر. في علاقته بالتناهي وبالموت الذي كونه سلفاً في ارتباط مع الكتابة، يمنح الأدب للكاتب، كما للقارئ، تجربة سيادية مطلقة بالمعنى الموصوف أعلاه من ضياع الشروط التي بواسطتها تتحقق الحياة وتحافظ على نفسها، وتمكن بالتالي تقريباً من تجربة موت [الفرد] في الحياة، وهي التجربة الوحيدة التي تستحق أيضاً هذا الاسم لأنها الوحيدة التي يحصل فيها الفرد على تجربة ليست فقط عن ذاته وعن واحدة من وجوهها الممكنة، ولكنه يعرف تجربة عن الآخر، عن المختلف، وفي كلمة عن المستحيل.
   يمثل الشر في الأدب، الشر كما هو عند باتاي، هذه القوّة المدمرة التي تنجز مع ذلك هذا الانسحاب المستحيل للكينونة التي صوبها تتوجه رغبتنا وفي مواجهتها نتقهقر في الوقت نفسه. إذا كان الأدب يجعلنا نتجاوز تبجيل المواضعات الاجتماعية، والقيم الأخلاقية السائدة والاعتبارات ذات الصبغة العقلية، فإن الشر هو الوسيلة المجربة الوحيدة في سبيل تفجير كثافة الحياة. ويعرف باتاي الشر -  وله في هذا السياق دلالة كبيرة - بوضوح كفعل لا يبغي تحقيق منفعة مادية، بل وعلى العكس تماماً فهو يجد كينونته الحقيقية في الاحتقار والسخرية من كل جني للمنفعة. الشر الذي يتحدث عنه هو بالنتيجة موسوم بلا ابتذالية تكوينية، وهو ما لا يعني بأنه يرغب في العودة إلى التعريف التقليدي للسلوك المنحل لشخص ما، بغية شيطنة ذلك الذي يقترف الشر [الذي يسيء معاملة الإنسان لتحقيق مكسب هو شخص سافل أكثر مما هو شرير حسب باتاي]؛ يتعلق الأمر على الأصح بقانون جوهري للفعل الشرير الذي – على خلاف الفعل الخيِّر، الذي [حتى ضد النية المبيتة للشخص الذي ينجزه]  يقع دائماً على الذات وينتمي إليها، سواء أكان من ذاته أو من خلال آخرين - الذي يجد غايته في ذاته. يفلت الفعل الشرير إذن في خطاب باتاي من المذلة، ومن العبودية. هذا الشر السيد يصعب بالفعل التمييز بينه وبين الخير، مع ملاحظة أن الشر عند باتاي – أي ما يتمنى التعبير عنه مع حكمه لصالح الشر - يحمل في مقابل الخير الأفضلية البنيوية المتعذر عبورها والتي لا نستطيع أن نريدها، إلا مقابل الزهد في الذات، ومقابل طلاق جذري، غير قابل للانعكاس في علاقته بذاته نفسها وبحياته الخاصة.
    ومن هذا المنطلق، يصبح للخير ميل محتوم نحو العبودية وبالتالي نحو المنفعة [التجانس الذي يتأسس عليه المجتمع ومؤسساته] التي لا يمكن تقريباً تجنبها بوعي، هذا فيما الشر في ذاته معصوم من هذا الميل – هكذا وتماشياً مع قوانين "فرط الأخلاق"   (l’hypermorale) لـ باتاي التي تقدم للإنسان الشيء الخيِّر الوحيد الذي بإمكانه تحقيقه، لأنه الفعل الوحيد الذي لا ينجز في الوقت نفسه محبة في فعل آخر، متجرداً من العقل ومن أية غاية. في مجال الملكات الإنسانية، يمثل الأدب وحده هذه الهوة التي تبني كينونة الإنسان، ما دام بإمكانه أن يستغني عن تقديم التبريرات لأفعال أبطاله بتوافق مع قواعد أي منظومة أخلاقية: «الأدب إما أن يكون جوهرياً، أو لا يكون. والشر – أقصى أنواع الشر- الذي يعد تعبيراً عنه، يحظى بالنسبة لنا، كما أعتقد، بالقيمة العليا»(10). وبمجرد أن يتحول نحو منطق أو غاية خارج ذاته – نحو "خير" ما بالمعنى التقليدي للكلمة - ، يفقد وضعية الامتياز هذه، ولا يعود من الأدب، بل يصبح فعلاً سياسياً [يتشكل موقف باتاي بطبيعة الحال وعينه على معارضه الكبير وخصمه اللدود: سارتر]. 
  في التواصل المسموح به من خلال الزهد في الذات داخل الكتابة، الذي يجد نظيره في انغماس القارئ في النص، فإن الجانبين معا يكونان سيداً أنفسهما بحيث أنه لا يوجد بالنسبة إليهما في تجربة القراءة إلا الآخر [النص]، ولا شيء آخر خارج هذا التواطؤ بين المؤلف والقارئ، إلا ظهور مفاجئ في الحياة لهذا المستحيل «الكائن بلا تحفظ، وبلا تأجيل»، والذي له الموت الحقيقي كشرط وحيد. ولكن، بحسب باتاي، ليس هذا الظهور كأي تجربة مفتعلة؛ إنه ظهور حقيقي بشكل لا يقبل الجدل – حياة كما لو أني كنت ميتا – لأنه في الأدب وبالاعتماد على عدم حاجته للتبرير، فإن الإنسان برمته هو الذي يكون دوماً على المحك، وليس مظهراً واحداً من وجوده. وإذن إذا كان يتضمن توسيعاً يشمل كلية الإنسان، فإن الأدب يبلغ (eo ipso)  مدى لا يمكن أن نسميه بكلمة أخرى سوى بالفلسفة، دون أن يعنى ذلك اختزاله في الفلسفة أو ترجمته في خطاب فلسفي. وبذلك نكون قد وصلنا لنقطتنا الأخيرة.

الفلسفة  
    مثل الكاتب الذي، بحسب جملة لـ كافكا بخصوص تمثيل الشر أو الخطايا في أعماله، لا يمكن إلا أن يبقى بريئاً تقريباً، فإن الفيلسوف كذلك لا يمكن أن يفلت بالكامل من العدوى، التي تفرض نفسها على نياته المبيتة سلفاً من خلال حدث كتابته لفكره. بكلمات أخرى، حتى الخطاب الفلسفي الموضوعي بالكامل، والموضوعي التحليلي، الخالي من كل انفعال، يتكشف عن أعراض من رغبة لا مفر منها. إنه يشترك بالفعل بشرط إمكانيته مع الأدب. وفي نهاية المطاف، يستحيل على الدوام تحديد من يتكلم أو يكتب وإلى من يتوجه، وتنكشف الغاية كما لو أنها دائماً في قبضة آخر، نقص المعنى السليم، الخير ممتزجاً مع نقيضه، الشر.
  في المقابل، وفي الوقت الذي تعمل فيه الفلسفة بشكل تقليدي[وإلى حدود مدى معين من حيث المبدأ] على الإقصاء والحذف، وعلى العزل مع أقل ما يمكن من العيوب لهذه اللحظات أثناء نظمها لخطابها – وهو ما لم يكن تاريخياً، إذا صدقنا ميرلو بونتي، دائماً في صالحها –، فإن الأدب يطلق لنفسه العنان بلا تحفظ في هذه القوة من الانجذاب الفاتن، والمعذِّب في بعض الأحيان، من نقص المعنى السليم واللاأخلاقي، وبهذه الطريقة يتبوَّأ من وجهة النظر هذه وضعاً أعلى مقارنة بالفلسفة، وضعاً سيادياً، مع ذلك تشوبه شائبة الشر بالاحتكام إلى قوانين القيم الأخلاقية التقليدية. وهذا يدفعنا للتساؤل ما إذا كانت فلسفة، على الشاكلة المنظور إليها من طرف ميرلو بونتي والمتحققة من طرف دريدا بتأثير من باتاي، ستقترب أكثر ما يمكن من الأدب، مقارنة بالمعرفة المتعلقة بجوهر الفلسفة ومضاعفات الاختلاف، والتي تدلِّل بهدف معين الحدود التقليدية للأنواع، وإذا لم يكن عملها ينصبُّ على الإخفاء لا أكثر، فإنه يمكنها [بل من واجبها] أيضاً بحق أن تسمى فلسفة. للحظة، هذا التمييز بين الأدب والفلسفة صحيح دائماً، تمييز يواجهه باتاي بتطبيق الأول حول مجال العمل، والآخر حول مجال اللعب:
   «الفلسفة عمل يتخلى الكاتب فيه، في أفق تحقيق غاية، عن الحرية الطائشة لمخططه، وحده الأدب يعدّ لعباً، يَرمي النردَ ليحصل على رقم غير متوقع...».
* تم التعريب من نص مترجم عن الألمانية من طرف لوسي كارنيير وإيفا لاف ريك.

الهوامش:
(1)- ترجمة لاقتباس من فرانز كافكا: "Schriftsteller reden Gestank"؛ حاشية مدونة في مذكرات خاصة سنة 1909، في "تأملات" (Betrachtungen uber leben, kunst und Glauben, Munchen 2007, 40,  بالنسبة للنسخة الأصلية بالألمانية )
(2)- مثلما قال باتاي عند كلامه عن كافكا؛ جورج باتاي: كافكا، في كتاب "الأدب والشر"، الأعمال الكاملة الجزء 9 ص: 273.
(3) موريس ميرلو بونتي: سياسة - فلسفة – أدب، ضمن كتاب: المرئي واللامرئي، متبوعا بحواش للعمل، منشور من طرف كلود لوفور، باريس، 1964، ص: 319.
(4)-  (5)- (6)- المرجع السابق.
(7)- ميرلو بونتي: فلسفة وأدب، ضمن كتاب "المرئي واللامرئي" ص: 251.
(8)- ميرلو بونتي: المرئي واللامرئي، ص: 250.
(9) - باتاي: الأدب والشر، ص: 174
(10)- باتاي: الأدب والشر ، ص 171.
*- آثرنا ترجمة رمز ال"ديفيرانس" ب "الاختلاف" ببساطة (ما دام أن المفهوم هو المهم وليس الكلمة)، مع ما بين المفهومين من اختلاف، حيث لا يقتصر مفهوم "الاختلاف" على معنى الاختلاف والمغايرة، بل يتسع بالمعنى الدريدي ليشمل فضلا عن ذلك، الإرجاء والإحالة إلى زمان آخر ومكان آخر. وقد أكد دريدا نفسه على صعوبة ترجمة هذا المفهوم إلى العربية، بل وإلى أي لغة أخرى، في الحوار الذي أجراه معه كاظم جهاد لفائدة جريدة الكرمل العدد ص 57-63. هذا المفهوم "يمثل لا كلمة ولا مفهوما، وإنما يجمع سلسلة من المفهومات التي يتدخل كل واحد منها في لحظة حاسمة من العمل"، كالكتابة والأثر والإضافة... ليخلص: "إنها سلسلة تتمتع كل حلقة منها باستقلالها النسبي، ولكن تتكرر  فيها الحلقات المجاورة". مع تقدم التحليل، سيفصل الكاتب أكثر هذا المفهوم. (هامش المترجم)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق